منذ نحو عقدين من الزمان يتراجع دور الخطوط الجوية السودانية الناقل الوطني المعروف اختصاراً بـ”سودانير” ويوماً بعد آخر يزداد المشهد بؤساً وقتامة في وجه عملاق الطيران السوداني السابق، فبعد أن كانت طائراته تتجوّل بين مهابط مطارات القارات الست، باتت في وضع لا تحسد عليه، بعد فقدها للعديد من المهابط، وتراجع دورها، ووصلت حتى قيل إنها لا تملك ولا طائرة واحدة خاصة بها، أما محطاتها فلم تتجاوز مطارات إقليمية قريبة في وقت بات من العسير عليها حط رحالها في مهابط مطارات الدنيا القصية، وما هو مثبت أن الشركة ظلت وعلى مدى حين من الدهر تتحجج بأسباب موضوعية في هذا التردي، وهي ظروف ومترتبات الحظر الاقتصادي على البلاد، وتقول إنه يحرمها من استيراد قطع الغيار للطائرات والتزود بأحدث معدات الطيران، إلا أنه وبعد رفع الحظر جزئياً منذ نحو خمسة أشهر لم يطرأ أيّ جديد على واقع سودانير، في وقت يقول فيه خبراء في قطاع الطيران بأن الفترة السابقة ليست كافية البتتة لتغير سلبيات عشرين عاماً، لكن الثابت أن ثمة جديد على وشك التخلق، وواقع يبدو أن سيطرأ عقب رفع الحظر.
وﻛﺸﻔﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻟﻮﻓﺪ ﻣﻦ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ ﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ (إﻳﺎﺳﺎ) للسودان حدد تاريخها بأكتوبر ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ، وقالت إن الزيارة المعنية تأتي ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ بالبلاد ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﺇﻧﻬﺎ ﺑﻠﻐﺖ “74.9%”، ووصفتها بالمعدل العالي، ونتج عنها تصنيف السودان ضمن أفضل “40” دولة في مجال السلامة الجوية بعدما كان ضمن أسوأ “50” دولة، ﻭﺃﻋﺮﺑﺖ ﻋﻦ ﺃﻣﻠﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻓﺎﺗﺤﺔ ﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮ إﻟﻰ أﻭﺭوﺑﺎ، ﻭﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺮ ﺑﺎﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﻗﻄﻊ ﻏﻴﺎﺭ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻜﺘﺐ إﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺰﺍﻧﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ (ﺍﻷﻭﻓﺎﻙ) ﻗﺒﻞ ﺃﻳﺎﻡ، ﻭﻭﺻﻒ ﻣﺪﻳﺮ ﻋﺎﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ أﺣﻤﺪ ﺳﺎﺗﻲ ﺑﺎﺟﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺻﺤاﻔﻲ ﺑطيبة برس، ﺃﻣﺲ الأول ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺑﺎﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﻈﺮ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺸﺮﺍﺀ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً، وقال باجوري: إن سودانير تسلمت بالفعل خطاباً يفيد بالسماح لها باستيراد قطع الغيار للطائرات، معتبراً أن تلك الخطوة تصب في صالح الشركة، مشيراً إلى إمكانية الاستفادة منها في خطط التطوير للناقل الوطني، قبل أن يدافع عن الطائرات العاملة الآن بالبلاد، وقال: “لا توجد حاجة اسمها طيارة قديمة” مفسراً قوله بأن أيّ طائرة تدخل الصيانة وتعود للعمل بعد التأكد من استيفائها للمعايير المطلوبة، مشيراً إلى أن المعيار ليس موديل الطائرة ولا سنة تصنيعها بل مدى جودتها وصلاحيتها للعمل، وقطع بأن دول الاتحاد الأوروبي ليس لديها مشكلة في دخول الطائرات السودانية لمطاراتها، مؤكدة أن تلك الدول تشجعهم لأن السودان حظي بمعدلات سلامة جوية عالية، وقريباً منه دفع رئيس لجنة النقل والطرق والجسور بالمجلس الوطني السماني الوسيلة بقول يصب في ذات الاتجاه المتفائل بواقع جديد لسودانير، السماني قال: إن الخطوط الجوية السودانية تسلمت “السبت” خطاباً من إدارة مراقبة الخزينة الأمريكية، فحوى الخطاب بحسب قول الرجل في الملتقى الاقتصادي الذي نظمته فضائية “سودانية 24” يشير صراحة لإتاحة الفرصة للشركة لاستجلاب قطع غيار الطائرات، وهو الإجراء الذي كان متوقفاً منذ “20” عاماً بسبب الحظر والعقوبات الأمريكية، وقال فيما قال إن مثل هذا الخطاب يشير إلى أن أزمات البلاد في طريقها للنهاية خاصة للقطاعات الصناعية والزراعية وقطاع النقل.
وللخبير في القطاع الكابتن مرتضى قول مختلف حيث قال للصيحة أمس: إن المشكلات التي أقعدت بسودانير لا تتعلق فقط بالحصار الاقتصادي، وقال نصاً: “الحصار كان محض شماعة تتخذها الشركة لتبرير فشلها وعجزها عن تسيير العمل” منوهاً إلى أن محض السماح باستيراد قطع الغيار لا يعني رجوع الوضع لأفضل حال كما كان في السابق، وقال إن مشكلات الشركة تتمثل في اعتمادها على التعيين السياسي والترضيات والعلاقات، معتبراً أن ذلك أضر بها بشكل كبير، وحرمها من مواكبة التغيرات، واتخاذ القرارات السليمة للتطوير، والحفاظ على مكتسبات قطاع الطيران السوداني، وبرأي مرتضى فإن المطلوب في ظل التغيرات المتمثلة في رفع الحظر جزئياً والسماح باستيراد قطع الغيار إقامة هيكلة شاملة لسودانير، ووصف الخطوة بالمهمة في حال رغبة الدولة في التأسيس لواقع إيجابي لقطاع الطيران بالبلاد، ودعا الدولة لدعم القطاع عبر توجيه البنك المركزي بتخصيص مبالغ لشراء طائرات جديدة تكون ملكاً للدولة.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة