الصحفي الطاهر ساتي يحكي تفاصيل احتجازه بالقاهرة ويقول: “ومع ذلك حلايب سودانية”

كشف الصحفي بصحيفة الانتباهة الطاهر ساتي التفاصيل الكاملة لاحتجازه بمطار القاهرة وذلك منة خلال كتاباته بعموده المقروء “إليكم” الذي رصده محرر موقع النيلين اليوم.

ساتي اختار “ومع ذلك حلايب سودانية” عنوان لمقاله عبر صحيفة الانتباهة, إليكم تفاصيل العمود كاملاً:

ومع ذلك، حلايب سودانية ..!!
__________________

:: الميثاق الذي اتفق عليه وزيرا الخارجية ينص على تهدئة التوتر السياسي والإعلامي بين البلدين ثم تجنب الإساءات المتبادلة في وسائل الإعلام.. والإتفاق بهذا الشكل يظلم الإعلام السوداني، وذلك لمساواته – في الإساءة والوقاحة – مع الإعلام المصري ..فالشاهد أن مصر تحتل حلايب، والإعلام المصري يدعم الإحتلال، ويستحق على هذا الدعم الإساءة (يومياً)..ومع ذلك، لم يبادر الإعلام السوداني بالإساءة لمصر وحكومتها.. أي دائماً ما نجد أنفسنا في موقع الدفاع و الرد على سُفهاء الاعلام المصري.. !!

:: وكثيرة هي الوقائع الموثقة .. تهزمهم الجزائر في كرة القدم، فيغطون أسباب الهزيمة بالإساءة إلى بلادنا..وتقصد الشيخة موزا بعض مناطق الآثار في بلادنا، فيغضبون على الشيخة موزا بالإساءة الى تاريخنا .. ويزرعون بمياه الصرف، فتحظر كل دول الدنيا زرعهم، فيغضبون – على الحظر الجماعي – بالإساءة إلى بلادنا فقط .. وهكذا .. غندور يعلم، لم يُبادر إعلامنا إطلاقاً بالهجوم على مصر في كل المعارك الإعلامية الفائتة رغم توفر أسباب المبادرة، ومنها احتلال حلايب .. وعليه، كان من الخطأ أن يساوي ميثاق غندور وشكري إعلام البلدين في ( تجنب الوقاحة)..!!

:: وقبل أن يجف مداد هذا المسمى بالميثاق الشرف الإعلامي، ورغم نصائح بعض أصدقائي، قررت السفر إلى مصر.. فالمعلومة المتوفرة والمؤكدة هي أن هناك قوائم حظر أعدتها السلطات المصرية بحيث تشمل بعض الأقلام المناهضة لإحتلال حلايب والمؤيدة لسد النهضة الإثيوبي .. ورغم النصائح، لإختبار ميثاق غندور وشكري، ولإختبار حرية التنقل التي تنص عليها إتفاقية الحريات الأربع، قررت السفر .. وهناك كانت السلطات لمصرية كما توقع أصدقائي .. وصلنا منتصف ليلة السبت بطيران شركة تاركو، وإنتظمنا في صفوف الإجراءات، وكان الصف يمضي سريعاً..إلى أن تم توقيف أحدهم، أستاذ جامعي وجاء ملبياً دعوة إحدى المنظمات العلمية حسب إفادات بعض المرافقين، وقد تم تحويل مساره من الدخول إلى أحد المكان برفقة شرطي..!!

:: وقبل أن يخرج هذا المواطن السوداني من المكتب المواجه لموقع إجراءات الدخول، كان دوري وقدمت جواز السفر وكرت الحمى الصفراء وإنتظرت تأشيرة الدخول .. ولم إنتظر طويلاً، أقل من خمس دقائق، وكان التوجيه مرافقة الشرطي إلى مكتب آخر .. وهناك سلمني الشرطي لضابط برتبة رائد، فأشار بالجلوس على كرسي .. وجلست ربع ساعة تقريباً أجرى الضابط خلالها إتصالاً، وأرسلت رسائلاً لبعض أصدقائي، ثم أمرني بمرافقته إلى مكان آخر..وتابعته إلى أن وجدت أمامي لافتة ( حراسة أمن الدولة).. وهناك كان التحقيق (سريعاً وشكلياً)، بحيث لم تتجاوز تأكيد بيانات جواز السفر وكرت الزيارة، الإسم والمهنة وأسباب الزيارة ..!!

:: ثم أمر بتسليم الهاتف والحقيبة والساعة للشرطي، وهذا أجرى كل عمليات الإستلام ثم قال : ( القرار حبس و إبعاد، ح نضطر نحبسك ونبعدك في رحلة بكرة العصر) .. مع بعض العرب لمحت سودانياً، وتبادلنا التحايا و جاء للمصافحة ولكن نظرة الشرطي أعادته الى حيث كان، فابتعدت عنه منعاً للحرج والمتاعب لهذا السوداني الحبيس بحراسة أمن الدولة..و بعد ساعة، أعاد الشرطي الهاتف والساعة و الحقيبة وأجلسني على كرسي أمامه، فتساءلت : (هل تراجعوا عن قرار الحبس والإبعاد؟).. ولكن يبدو أنهم علموا بمقدم طاقم السفارة السودانية بمصر، فأرادوا تحسين (صورتهم)..!!

:: تركوني بعيداً، وتحدثوا مع السفير عبد المحمود عبد الحليم والقنصل العام عبد الحميد البشرى كثيراً وأجروا الكثير من الإتصالات .. لهم الشكر والتقدير، فالسفير عبد المحمود والقنصل البشرى و بعض العاملين بالسفارة، بذلوا جهداً مقدراً لمعرفة ما يحدث .. ولكن بعد مصارحة ضباط أمن الدولة بالمطار: ( دا قرار من المخابرات، مش بتاعنا والله)، عرفوا مصدر القرار، ثم كان قرارنا بمغادرة مصر (فوراً) وليس عصر الغد ..ومن حزمة خيارات، إخترت المغادرة إلى إثيوبيا، وبجهد السفير والقنصل العام وموظفي العلاقات العامة بالسفارة تم الحجز، و كانت الساعة قد إقتربت الى الثالثة صباحا.. !!

:: ثم تم ترحيلي بحراسة مشددة من المطار القديم إلى المطار الجديد .. وفي منتصف الطريق الى المطار الجديد، كسرت حاجز الصمت ومازحت العساكر حين تزاحموا في المركبة : ( لو أمنتو السادات بالشكل دا ما كان مات قدامكم)، فرد أحدهم باستياء : ( يا عم اسكت، خليها تعدي على خير)، ووصلنا المطار .. ثم رافقوني، أربعة أفراد، إلى مقعد الطائرة الإثيوبية .. هي بعض متاعب المهنة ليس إلا، ولن تهز قناعاتنا .. وعليه، فلتعلم بقايا مخابرات مبارك – وهي تقود مصر وشعبها إلى الهاوية – بأن حلايب سودانية، ويجب أن تعود إلى حضن الوطن مهما كان (ثمن العودة).. ولما فيه الخير لبلادنا وشعبها، سيبقى دعمنا لسد النهضة الإثيوبي بلا حدود..ولن يمنعنا ميثاق غندور وشكري عن الرد على سفهاء الإعلام المصري .. !!

ياسين الشيخ _ الخرطوم

النيلين

Exit mobile version