ما هذا العنوان الأخرق المخالف لكل قواعد المهنية الذي خرجت به إحدى كبريات صحفنا السياسية الصادرة أمس، ويا لحسرتنا على كبارنا في الكثير من المجالات!!
صحيفة تقول في عنوانها الرئيسي على صفحتها الأولى الآتي: (المخابرات المصرية تحاول تجنيد صحافي سوداني)، وتستند في ذلك على تهيؤات وتوهمات، ومعلومات مرتبكة ومضطربة ساقها أحد الصحافيين استناداً إلى رسائل متبادلة بينه وآخر مجهول على الفيس بوك، وأوردها بضبابية في عموده بصحيفة أخرى صادرة في ذات اليوم!!
والغريب أن الصحيفة الأخرى – صحيفة الزميل صاحب المعلومات – لم تهتم بالأمر، ولم تجعل منه (مين شيتاً) ولا خبراً، ترقص عليه أجندات الإثارة والغرض والتحريف والتأليف، وضرب علاقات السودان الخارجية بأهم جيرانه!!
قال الصحافي الذي زعم أن المخابرات المصرية حاولت تجنيده، إن أحدهم من موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية اتصل به عبر النت، وطلب منه إعداد تقرير عن زيارة وزير الخارجية المصري “سامح شكري” إلى السودان نهاية الأسبوع المنصرم، وإيراد معلومات عن نشاط لرموز من (الإخوان المسلمين) المصريين مقيمين في السودان، وما إذا كان نشاطهم يشمل تهريب سلاح وصناعة متفجرات!!
ورغم ذلك يورد الصحافي (المستهدف بالتجنيد) في عموده أنه غير واثق من تبعية الشخص المتصل به للموقع الإلكتروني المعني!!
طيب.. عرفت كيف إنو الشخص الذي تواصل معك بإلحاح تابع للمخابرات المصرية؟! إمكن تابع لجماعة (الإخوان المسلمين) المصرية، وإمكن عضو في (مكتب الإرشاد)، وبالتأكيد فإن هؤلاء من مصلحتهم تفجير العلاقات بين السودان ومصر، ليستغلوا طقس التوترات والمواجهات الإعلامية والتراشق الإسفيري، ساتراً لممارسة أنشطة معادية للدولة المصرية، على أرضنا ودون علم دولتنا.
ولِمَ لا يكون ذلك المتصل بالزميل المستهدف بالتجنيد، تابعاً لجهاز (الموساد) الإسرائيلي، حتى وإن كانت جنسيته مصرية؟! أليس في (الموساد) عملاء (مصريون) و(سودانيون) و(فلسطينيون) كمان؟!
ألم نتب بعد من مثل هذه الأكاذيب والأباطيل بعد فضيحتنا الدبلوماسية والإعلامية الداوية التي تورطت فيها صحف وصحافيون.. وكتاب كبار وصغار، يوم أن اتهموا دون دليل المندوب المصري في مجلس الأمن الدولي بأنه طالب في كلمته بتجديد العقوبات على السودان، وعندما تم بث التسجيل الصوتي لكلمة المندوب المصري في المواقع والقروبات تواروا جميعاً خجلاً.. ولم يعتذر الكذابون والأفاكون والمتآمرون ثم هاهم بكل بجاحة يعيدون الكرة ويكررون الفضيحة!!
أرجو أن تكون صحافتنا على قدرٍ عالٍ من المسؤولية والمهنية والتجرد، وأن تنأى عن (الخفة) عند التعامل مع قضايا بالغة الحساسية والتعقيد تمس أمن بلادنا القومي وأمن الدول المجاورة لها.
غفر الله لنا ولكم.
الهندي عزالدين – شهادتي لله
صحيفة المجهر السياسي