على الرغم من الأوضاع المأساوية التى تمر بها دولة جنوب السودان الا أن حكومتها لم تزل تضع الإرتباط مع الحركة الشعبية قطاع الشمال من اولوياتها اذ رشحت الأنباء بما يفيد بأنه في ظل الأزمة التى تمر بها جوبا سارعت في توجيه نداءتها الى قيادات قطاع الشمال الثلاث (عقار عرمان الحلو) للإجتماع في جوبا في محاولة لملمة الخلافات التى كادت ان تعصف بالحركة بعد صدور قرارات مجلس التحرير التابع للحركة الشعبية.
وتجئ محاولات حكومة جنوب السودان لمحاولة لم الشمل في وقت يمر به قطاع الشمال بأسوا حالاته التنظيمية والسياسية ، اذ لم ترضٍ قرارات مجلس التحرير عقار وعرمان والتى قضت بعزل الأخير وسحب ملف التفاوض و الثقة منه في ظل توقعات بأن يمارس سلفاكير ضغوطاً على عرمان بضرورة التنازل إنفاذاً لقرارات مجلس التحرير التابع للحركة.
من خلال متابعة الساحة السياسية يتبين بما لا يدع مجالاً للشك أن محاولات جوبا لرأب الصدع بين قيادات قطاع الشمال يفهم منها تطويل أمد الحرب في السودان لجهة أن الخلافات داخل الحركة الشعبية انهكتها وربما دفع استمرارها الى تقديم تنازلات والدخول في سلام شامل خلال الجولة القادمة من المفاوضات.
لم يعد الحديث حول دعم حكومة الجنوب لقطاع الشمال من الإمور المخفية اذ لا زالت الأولى تراهن على امكانية ان تحدث الحركة شعبية تغيراً في نظام الحكم ، وليست هذه المره الأولى التى تحاول فيها جوبا الجمع بين قيادات قطاع الشمال فقد إعتادت أن تضغط على قادة الحركة كلما لاحت بودار الخلاف بينهم.
لاشك الإصلاحات السياسية والعسكرية التى قامت بها الحكومة مؤخراً قادت الدول الداعمة للحركة الى أن تراجع حساباتها حيال المراهنة على امكانية ان تحدث الحركة تغييراً سياسىا وعسكرياً في المشهد السوداني مما جعلها تتعاون وفقاً للوزن الحقيقي لها ميدانياً وتنظمياً.
ومجئ تحركات سلفاكير متزامنة مع جهود الألية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو أمبيكي امراً ليست من قبيل الصدفة اذ يري المراقبون أن جوبا توجست من زيارة امبيكي الأخيرة في ظل توقعات بضغوط دولية على قادة قطاع الشمال للوصول الى سلام تماشياً مع الموقف الدولى الداعم لموقف الحكومة السودانية.
وفي تصريحات سابقة اوضح محمود كان رئيس مكتب اتصال الإتحاد الأفريقي ان مايدور داخل الحركة الشعبية يعتبر امراً داخلياً خاصة وان الوساطة ليست لديها تعامل مع مجلس التحرير الأمر الذي يدفعها للتعامل مباشرة مع قيادة قطاع الشمال ، واشار كان الى ان الخلافات داخل قطاع الشمال ربما تؤثر سلباً على التفاوض غير أنه قطع بأن الوساطة لم يصلها مايفيد بتغير وفد التفاوض وقطع السفير بان الموقف الدولى لاي زال داعماً لجهود الوساطة الافريقية للوصول الى سلام شامل في السودان.
ويوضح الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان ان الرباط القائم مابين قطاع الشمال وحكومة جنوب السودان رباط قديم والحركة جزء اصيل منها تسعي لاستكمال خطة استراتيجة وصراع فكري وايدلوجي بتأسيس السودان الجديد بداء من العام (1953م) وحسب مفهوم الحركة فأن الرباط يظل قائم وهو السبب الأساسي في عدم تنفيذ الإتفاقيات مابين الخرطوم وجوبا لهذا فأن حكومة جنوب السودان تستمر في دعم الحركات ، ويضيف سليمان أن هذا الأمر خلف تأثير سلبي في العلاقات بين البلدين.
اجمع المراقبون على ان حكومة جوبا سارعت باستدعاء القادة الثلاث في هذا التوقيت لخوفها من ازدياد حجم الخلافات داخل الحركة الشعبية خاصة وأن الضغط الدولي والإقليمي على قادتهال للاستمرار في التفاوض كان سبباً في تفجير الخلافات لجهة أن قضية التفاوض تخضع لمناقشات داخلية دقيقة يطرح فيها كل طرف آراءه.
يبدو إن تحول مواقف المجمتع الدولي والترويكا من دعم الحركة الشعبية للضغط عليها وإجبارها بالقبول بالمقترح الأمريكي فيما يتعلق بتوصيل المساعدات الإنسانية افقد قطاع الشمال السند الدولى ، الأمر الذي دفع حكومة جنوب السودان لمحاولة رأب الصدع بين الطرفين لكن مكن خلال النظر الى الأوضاع الداخلية التى تعانيها جوبا يتبادر الى ذهن المراقب للساحة السياسية المثل الذي يقول “فاقد الشيء لا يعطيه” ، ولأن الساحة السياسية متقلبة تصبح جميع الخيارات متاحة في ظل ترقب حول ماسيسفر عنه اجتماع سلفاكير بثلاثي الحركة والذي لا يتوقع له النجاح خاصة وان الخلافات بلغت ذروتها بين القادة الثلاث.
تقرير: رانيا الأمين
(smc)