حينما تريد اقتناء (جلابية جديدة) تذهب إلى السوق وتقوم بشراء القماش بعد أن تختار اللون و(الخامة) ثم تذهب به إلى الترزي لتحدد له (شروطك) وهل تريدها عادية أم (جناح أم جكو)، وهل تريد أن يكون لها جيباً أمامياً أم لا، وهل تريد أكمامها تكون واسعة؟ كل شيء يتم بناءً على رغبتك.
حين تصل إلى مرحلة أن تقوم ببناء (بيت) لك (طبعن لو مغترب) فإنك تطلب من المهندس أن تكون أمامه حديقة واسعة، وأن يكون (صالون الضيوف) ماهلاً يسع عدداً لا بأس به من الأشخاص، كما قد تطلب منه أن يكون المطبخ واسعاً لأنك تفضل المساحة الواسعة، وربما تطلب منه إضافة حمام آخر داخلي إلى غرفة النوم الرئيسة، أنت الذي يحدد الشكل والألوان والمساحات وكل الأشياء التي تجعلك (مستريحاً) في سكنك الجديد.. في النهاية فإن كل تفاصيل البيت الجديد ستجدها كلها تمت بناء على رغبتك
حينما تذهب إلى صالون الحلاقة وما أن تجلس على ذلك الكرسي الوثير وتنظر إلى وجهك في المرآة حتى تخاطبه قائلاً: (شوف يا أسطى) ثم تملي عليه شروطك، (ما تشيل كتير من الجنبات)، (الشنب ده ما تحفوا كتير)، الدقن دي (واسيها بس)، وعندما يقول لك الحلاق (نعيماً) تنظر إلى وجهك (الجديد) في المرآة فتجد أن الحلاقة تمت بناء على رغبتك.
أول شيء تفعله وأنت تجلس في (مطعم) من أجل أن تسكت مصارين بطنك المتعاركة جوعاً هو أن تمسك بقائمة الطعام (المينيو)، لتختار أنت وجبتك، لا أحد سيطلب صنفاً واحداً لا ترغبه فأنت تطلب ما تشتهيه من أنواع الطعام فأنت تأكل بناء على رغبتك.
هب أن صديقاً لك أرسل لك مبلغاً محترماً (مغترب طبعن) يعينك على نوائب الدهر حيناً من الوقت، أنت وحدك من يقرر فيمَ تصرفه؟ ربما ترى أن تقوم بتغيير باب الشارع بواحد أجمل شكلاً وأكثر أمانة وبالمرة تغيير (الحيطة) للطوب الأحمر والأسمنت، ربما تقوم بعمل صيانة تحسباً من ويلات الخريف الذي يأتي (فجأتن) أو ربما تترك كل ذلك وتفكر (تعرس تااني).. الاختيار هو لك فأنت ستنفق المبلغ بناءً على رغبتك.
إذا فتح الله عليك وفكرت في شراء (عربية) فبالطبع ستقوم بشراء الماركة والموديل الذي تحلم به وكذلك (اللون) الذي تحبذه وبقية الخيارات (الأوبشنات) من فتحة سقف وإمكانية تلقي المكالمات الهاتفية ووسائد هوائية وكل ما يتماشى مع ذوقك ومزاجك فأنت من يقود العربة وبالتالي كل ما تطلبه فيها هو بناء على رغبتك المقدمة الطويلة دي علشان نقول إنو معظم الأشياء يمكن أن يكون لرغبتك فيها دور.. إلا (جنسيتك) فهي قدر. والحمدلله عندما وجدنا أنفسنا سودانيين رضينا بقدرنا وحمدنا الله على ذلك، وهو قدر جميل..
مناسبة هذا المقال أنه راجت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً قصة شاب كان يدرس الصيدلة بالخارج ثم عاد ليتم استيعابه بإحدى الجامعات السودانية وقد تعرض لظلم فادح ترك على إثره الدراسة ثم هو بناء على ما تعرض له من ظلم قد تقدم للسلطات السودانية مطالباً بإسقاط الجنسية عنه (قال ما عايزا)!!
لا أدري كيف يتخلى الإنسان عن دمه.. عن جلده.. عن لسانه.. كيف يتخلى عن التراب الذي شكل تكوينه ووجوده.. التراب الذي يحضن عظام أهله وبقية رفاتهم، أنا لا أفهم كيف يستطيع أن يقطع الإنسان وطنه عن جسده !
كسرة:
إلا دي ….
كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟85 واو – (ليها سبع سنوات وشهر)؟
كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 44 واو (ليها ثلاث سنوات وثمانية شهور)
كسرة حريات:
طرقنا كل الأبواب ومددنا حبال الصبر طويلة
ولكننا مللنا الانتظار.. أطلقوا سراح أقلام
الكاتبين الدكتور زهير السراج والأستاذ عثمان
شبونة.. أطلقوا سراح الأقلام الحرة.