تعدد الزوجات.. وزواج الأثرياء!

دعت هيئة علماء السودان الى تعدد الزوجات للحد من ارتفاع معدلات العنوسة والطلاق في البلاد، وذلك نظراً للزيادة الكبيرة في عدد (الإناث) مقابل عدد (الذكور)، رئيس الهيئة محمد عثمان صالح قال في تصريحات صحفية لوكالة السودان للأنباء أن (هناك أدلة شرعية أجازت التعدد في الزواج بوجود شرطين، الشرط الأول هو العدل والثاني هو الحاجة، مؤكداً أن هناك حاجة ماسة في السودان لتعدد الزوجات)، وفي اليوم التالي لهذا التصريح اعتبر عبد الجليل النذير الكاروري عضو هيئة علماء السودان، أن الدعوة لتعدد الزوجات لا تخرج عن كونها تعبيرات فردية، قائلاً (إن الهيئة لا تملك برنامجاً واضحاً للتعددية، داعياً المجتمع المدني للمساهمة في تيسير الزواج)، واضح أن الرجلين غير متفقين، فبينما ذهب صالح الى إطلاق التعدد، يميل الكاروري الى تسهيل أمر الزواج ابتداءاً، ولعل رئيس الهيئة أضاف شرطاً للشروط المعروفة وهو الحاجة، وهي ليست دالة للإباحة وإنما سبباً لها، ولعل شرط الاستطاعة هو المقصود، ويميل الكاروري الى لفت نظر المجتمع المدني ودفعه للمساهمة في حل المشكلة كاقرار بفشل برنامج الحكومة والمشروع الحضاري للزواج الجماعي.

الاحصاءات الرسمية وفقاً لمضابط المحاكم فقط، تقول إن نسبة الطلاق وصلت (%26) للأعوام من (2008 م– 2012م) ودراسات أخرى بحثية أفادت بوصول النسبة الى (%30)، وقدر عدد النساء اللائي لم يتزوجن لمرة واحدة حوالي (1.5) مليون امرأة، ويعادل ذلك (%20) من النساء في سن الإنجاب، دراسة قبل الانفصال أفادت بأن عدد النساء بلغ حوالي (15.5) مليون، وعدد (6) ملايين امراة متزوجة بنسبة (%38)، بلا شك الأرقام مزعجة ومخيفة وهي لا تعني (العوانس) فقط، وانما يلاحظ أن أعداد (العزابة) والمطلقين بعد زواج حديث في ازدياد مضطرد، وبافتراض أن تعدد الزوجات أفلح في غرضه، في تقليل (العنوسة) فكيف تحل مشكلة الشباب والرجال الغير قادرين على الزواج؟ الفكرة لن تضيف شيئاً لأن أغلب القادرين على التعدد هم بالفعل تزوجوا مثنى وثلاث ورباع، وبعض القادرين تزوجوا عرفياً و سراً، بما عرف بزواج الأثرياء، لا بد من النظر الى المشكلة بصورة أكثر عمقاً، فهي مشكلة اجتماعية كبيرة، ذات خلفية اقتصادية تتجاوز الزواج كحدث، الى بناء الأسرة والمحافظة على مؤسسة الزواج، بكفالة الأسرة وإعاشتها وإيواءها، والاستعداد لتعليمها وعلاجها، هذه المشكلة تحل باعادة التوازن الاجتماعي واستعادة الطبقة الوسطى الأكثر اتساعاً، و بالتزام الدولة بتوفير فرص العمل السكن للمواطنين، ومحاربة الإسراف والصرف البذخي بالحد من الزواج التفاخري، وإصلاح التعليم والخدمة المدنية، ومحاربة الفساد والاصلاح السياسي الذي يرفع من سقف الأمل في مستقبل مرتقب، وازالة الاحباط، أما زيادة أعداد زوجات الأثرياء المتزوجين فلن يزيد المشكلة إلا تعقيداً، لا سيما أنهم يتزوجون سراً، هذا إن تزوجوا وهو اجتماعياً لا يزيد حالات إشهار الزيجات، ولا يحقق أي قيمة مضافة، فالمتزوجة سراً (لا بتتحنن ولا بتدخن)، ولا بتولد.

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version