* بالله عليكم هل هنالك مهانة أكثر من أن نقترض البترول الذي ينتج في بلادنا (وبالفايظ كمان)، أقرأوا هذا النبأ:
* أعلنت الحكومة، عن موافقة 3 شركات نفط، صينية، ماليزية، وهندية، على جدولة مديونيتها على السودان، البالغة 350 مليون دولارعلى مدى 32 شهراً. وقال وزير النفط محمد زايد عوض، في تصريحات بالبرلمان أول أمس، أن الشركات، المذكورة، قبلت بتسوية مستحقاتها مع الحكومة عبر جدولة تستمر نحو 32 شهراً، أي ما يعادل 20 مليون دولار شهرياً. وأشار الوزير الى أن المستحقات التي تم الاتفاق على جدولتها مع الشركات الثلاث عبارة عن ديون خام النفط الذي تقترضه الحكومة لتشغيل مصافي النفط المحلية، وتقدر قيمتها بمبلغ350 مليون دولار. وأعلن زايد عن تواصل المشاورات لمعالجة الديون الصينية على الحكومة (سارة تاج السر، الجريدة 10 أبريل، 2017 ).
* تخيلوا الى أية درجة وصل بنا سوء الحال، والفساد، والاستهتار والمهانة .. بدلاً من أن نبيع البترول الذي ننتجه، ونتكسب منه ونشيد به المشاريع الكبرى التي تبقى لأجيال المستقبل، فإننا نبدده ونضيعه سدى، بل ونشتري (بالفايظ) أنصبة الدول والشركات التي تساهم معنا في الانتاج، لتغطية حاجتنا المحلية للوقود، هل هنالك استهتار أكثر من ذلك؟!
* وتتبدي الكارثة بشكل أكثر وضوحاً عندما نعلم أن نصيبنا من عائدات النفط في العشرة سنين الأولى من بدء الإنتاج بلغ أكثر من (100) مليار دولار أمريكي، كان بإمكان الحكومة (لو كانت حكومة) أن تسدد منها كل ديون السودان الخارجية مع فوائدها (50 مليار دولار)، وتشيد بها مشاريع انتاجية تدر دخلاً كبيراً للبلد وتبقى للأجيال القادمة، ولكنها ذهبت أدراج الرياح!!
* والأنكى والأضل، أن كل الانجازات الوهمية التي تتباهى بها الحكومة مثل سد مروي والطرق والكباري رديئة النوعية التي تأكلها الفئران (باعتراف الحكومة نفسها)، تم تشييدها بقروض أجنبية ربوية، ولم يوضع فيها دولار واحد من عائدات البترول التي تحولت الى كروش ضخمة، وجيوب منتفخة، وجضوم لامعة، وقصور وفيلل ورؤوس أموال واستثمارات شخصية في بنوك اجنبية، ورشاوى وبلاوى لا يعلم بها الا الله !!
* تخيلوا يا أهل السودان الطيبين كيف كان سيكون حالنا الآن، لو تم استغلال تلك (المائة مليار دولار) بشكل صحيح، أو على الأقل لو شيدت بها الحكومة مشروعاً صناعياً أو زراعياً أو سياحياً أو خدمياً ضخماً يبيض وجوهنا وسط الدول، ويسهم في الناتج القومي، ويدر العائدات الضخمة، ويبقى لأجيال المستقبل.. مشروع واحد فقط وليس عشرة أو مائة مشروع، أو حتى لو سددت بها الحكومة الدين الضخم الذي يثقل كاهلنا، ويهدر سمعتنا، ويمنع الدول والمؤسسات العالمية من التعامل معنا، فنتحول الى شحاتين مسلوبى الكرامة والسيادة، فاقدي ماء الوجه، تتلاعب بنا كل فترة دولة من الدول وتستغلنا لتحقيق مآربها ومصالحها!!
* والله كنا سنكون سعداء، يلهج لساننا بالثناء والحمد على الحكومة، لو سددت (الخمسين مليار دولار)، وووضعت (الخمسين الباقية) في بطنها على طريقة (إعطِ الخبز لخبازه ولو يأكل نصفه) .. ولكن للأسف الشديد، ومما يوجع ويهرد المصارين، أن البترول نضب، وبقيت الديون، ولم يُشيد مشروع واحد، بل حتى المشاريع الضخمة التي ورثها هذا النظام، دمرها وضيعها، أو باعها وحولها الى كضوم وكروش وقصور وأرصدة شخصية، بينما الشعب المسكين يعاني الجوع والمرض والفقر والموت، ويبشرنا وزير النفط وهو في غاية السعادة والسرور بأن الشركات الماليزية والصينية والهندية وافقت على جدولة الديون التي اقترضنا بها بترولنا، ليس فيها للعلم مبلغ الـ(11 مليار دولار) الذي ندين به لحكومة الصين التي رفضت جدولته وطالبت بتسديده خلال هذا العام، أو إعطائها أرضاً في مقابله.. يا سعادتنا وهناءنا وعزتنا بِكُم!!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة