السودان والمملكة السعودية .. الخندق الواحد

تتجاوز العلاقة بين السودان والمملكة العربية السعودية ، ظنون البعض في الجوار ممن يعتقدون أن الظرف الراهن وتعقيدات الظروف في المنطقة خدمت الخرطوم وساعدتها في ترميم علاقاتها مع الخليج في وقت تشهد فيه علاقات هذه الجهات بروداً وفتوراً واضحاً لا يخفي على كل ذي عين وبصيرة ،

فهي لم تكن في يوم من الأيام علاقة طارئة تحكمها تقلبات السياسة ومصالح الأنظمة وتوجهاتها ، فأرض الحرمين في وجدان كل سوداني تظل كما هي تحفها المحبة والود والشعور المتعاظم بالإخاء الصادق والتعاون البناء والتنسيق والعمل المشترك ووحدة الهم والمصير .
> وعكست المناورات العسكرية الجوية والتمارين المشتركة للقوات الجوية السودانية وشقيقتها السعودية التي اختتمت بالأمس بمطار مروي بالولاية الشمالية ، ما وصلت إليه العلاقات الثنائية وروابط التواصل والإخاء من متانة وقوة تقارب حميم وتطابق في التوجهات والنظر لقضايا الأمة في راهنها الحالي ، فالمملكة تقود اليوم التحالف الإسلامي لمواجهة كل الأخطار المحدقة بالمنطقة وأمتنا الإسلامية والعربية ، وتخوض معركة عاصفة الحزم من أجل الدفاع عن حرمات المسلمين ووحدتهم التي تستهدفها التيارات الشعوبية والمذهبية والأطماع السياسية التي حاولت أن تفرض طوقاً على أرض الحرمين الشريفين وتهدد مقدسات الأمة ، واتخذ السودان الموقف الطبيعي والصحيح الذي تمليه عليه العقيدة وصوابية الرؤية ونضوج الموقف السياسي ووضوحه ، فلا مساومة ولا تباطؤ ولا تردد ولا خذلان ، وشيمة السودانيين أنهم خفاف عند الفزع ثقال عند الطمع ، وليس هناك نداء أعز من أن يلبوه من نداء النصرة للحق والذود عن حمى العقيدة وبيضة الدين .
> منظور السياسة والأخلاق والرجولة والمروءة ليس هناك ما هو أشرف من موقف السودان الحالي وهو يقف مع أشقائه في المملكة العربية السعودية وبقية دول التحالف الإسلامي وشركاء عاصفة الحزم في خندق واحد وتحت راية واحدة ، وهذه الراية هي التي ستعيد لهذه الأمة أمجادها وللمنطقة كرامتها وللشعوب الإسلامية كبريائها ووحدتها ، فالقيادتين السودانية والسعودية لا تتفقان اليوم على موقف سياسي محض تحركه المصالح الآنية العاجلة والمنافع المستعجلة وضرورات المرحلة وفروضها كما يعتقد ، فقد اجتمعتا على بينة من الأمر وعلى هدى من الله ورضوان ، فمصلحة الأمة وإشراف قضاياها وتطلعاتها الكبيرة أهم بكثير من جوامع السياسة وما يترتب عليها من فرص ولحظات عابرة تنتهي بانتهاء الغرض وانقضاء المنفعة ..
> اذا كانت الدماء الذكية التي سالت من الجنود السودانيين على تراب المملكة وفي أرض اليمن السعيد واختلطت بدماء أشقائهم في المملكة وبقية دماء أبناء دول عاصفة الحزم ، هي مهر الفجر الذي سينبلج لا محالة في سماء الأمة العربية الإسلامية مؤذناً بوحدتها وتكامل أدوارها وتراص صفوفها وهزيمة عدوها . فإن كل شيء يحدث الآن هو تمهيد وتعبيد للطريق المفضي الى هذا النصر الكبير .
> ومن هنا نقول إن نسور الجو من بواسل القوات الجوية السودانية والسعودية في مناوراتهم وتدريباتهم التي انتهت بالأمس ، تجعل الاطمئنان يغشى الأفئدة والقلوب ، بأن المنهج الذي تتبعه القيادتان الحكيمتان وبحرصهما الأكيد ، سيفتح كل الأبواب حتى تؤوب كل أمتنا الى منهج التصافي والتعاون والتعاضد ، فهذا أنموذج فريد تقدمه الخرطوم والرياض معاً ، ويمكن أن يتطور من أجل الأمن والاستقرار والسلام . فتأمين حدود الوطن العربي والحفاظ على سلامته وهويته وكرامة شعوبه تتطلب بالفعل تعاوناً خلاقاً ، وشجاعة كاسحة وإدراكاً للأبعاد الإستراتيجية لما يترتب عليه من توحيد مقدرات الدول العربية والإسلامية وتجميعها وتصويبها معاً نحو هدف واحد .
> اذا كانت قدرات السودان والمملكة العربية السعودية في المجال العسكري هي النواة التي ستصنع المعجزات وتهزم المستحيل، فكيف اذا كانت القوة العربية كلها ورماحها مجتمعة؟. ستكون أصلب مَكْسراً وأمرَّ عوداً وأحدَّ نِصالاً. فلتعش هذه العلاقة ولتدم ..

smc

Exit mobile version