يعدّ “فضل الله عيسى” الملقب بـ(أبو كيعان) واحداً من أبرز القادة العسكريين في الحركة الشعبية، ومثل انضمامه للسلام الشهر الماضي ضربة قاسية للحركة وتحالفاتها ضمن الجبهة الثورية، ومن قبل كان ضمن صفوف حركة العدل والمساواة. وفي هجوم قوات العدل والمساواة على أم درمان في العام 2008م، كان ضمن القادة، وأوكلت إليه مهمة عبور جسر الفتيحاب. وبالفعل قاد قواته المكونة من (17) عربة إلى أعلى الكوبري، قبل أن تصده القوات المسلحة ويلقى القبض عليه ويطلق سراحه، فيما بعد، لينضم إلى الحركة الشعبية- قطاع الشمال عام 2012. و”أبو كيعان” من مواليد منطقة الفرشاية، ريفي الدلنج. درس الثانوي بالأبيض ثم انضم إلى العمل المعارض المسلح. (المجهر) التقته ذات أمسية في مطعم (فينيسيا)، بالخرطوم، وأجرت معه الحوار التالي..
{ بداية.. حدثنا عن أسباب انضمامك للسلام وكيف تم التفاوض معك وأي الضمانات تلقيتها؟
– طبعا نداء رئيس الجمهورية المشير “البشير” وإعلانه مبادرته للحوار في خطاب الوثبة هو سبب انضمامنا للحوار. وبعدها، بدأ والي غرب كردفان “أبو القاسم بركة” محادثات معنا وعرض علينا المشاركة في الحوار، قال لنا “تعالوا للحوار الوطني وإذا لم يعجبكم ممكن بعدها ترجعوا”. وبالفعل أتينا للسلام بكل قناعة ولن نرجع مرة أخرى لمربع الحرب، ومستعدون للعمل من أجل السلام والاستقرار.
{ هل يمكن أن تعرفنا على منطقة (كاودا) حجمها.. عدد سكانها.. طبيعتها؟
_ (كاودا) مدينة جميلة وتحفها الجبال من كل جانب، وبها عدة أحياء، تسكنها قبائل (التورو، والمورا)، وإثينات أخرى لكن غير كثيرة وتتبع لها بعض القرى.
{ ماذا تم لتطوير المدينة في فترة سيطرتكم عليها كعاصمة للحركة الشعبية؟
_ هي لم تشهد حركة تنموية، لأنها منطقة حرب، والاشتباكات والقصف حولها مستمر لذلك أصبحت غير آمنة للمواطنين، وقد غادرها الكثير من السكان في السنوات الماضية. وعدا أوقات العمليات، فإن الأوضاع فيها مستقرة في معظم الأوقات والحياة عادية.
{ أخيراً تحدثت الحركة الشعبية عن افتتاح جامعة هناك.. ما حقيقية ذلك؟
_ لا.. هذا غير صحيح.. لكن توجد معاهد يدرس بها الطالب إلى مرحلة معينة بعدها يسافر للدراسة بالخارج.. في الجنوب وكينيا وغيرهما.
{ ما هي اللغة الرسمية المستخدمة؟
_ اللغة الإنجليزية والعربية معاً. لكن في بعض المدارس تُستخدم الإنجليزية، مثلاً في المنطقة الشرقية الدراسة بالإنجليزية واللغة العربية فتدرس كمادة عامة، أما في المنطقة الغربية اللغة العربية تدرس في مرحلة الأساس.
{ كيف يمارس المسلمون العبادة في (كاودا)؟
_ بها كنائس ومساجد، ولا مانع في ممارسة العبادة أو دخول دور العبادة.. لا توجد مشكلة في ممارسة الشعائر الدينية.
{ أثناء وجودكم في (كاودا) ألم تكونوا تخشون اقتحامها من قبل الجيش السوداني؟
_ (كاودا) بعيدة وهناك مناطق كثيرة تحيط بها.
_ أنت كقائد عسكري كيف تنظر إلى إمكانية تحرير (كاودا)؟
_ هذا ممكن، إذا وضعت خطة محكمة.. لكن فاتورتها ستكون عالية.
{ كم يستغرق تنفيذ الخطة؟
_ لا تقدر.. لكن حسب تخطيط المعركة، لأنها منطقة محصنة، وبالتالي فاتورتها عالية.
{ إذا سقطت (كاودا) هل أن يمكن تنتهي الحرب؟
_ لا أتوقع أن تنتهي.. لأن بخلاف (كاودا) هنالك مناطق أخرى تتبع للحركة الشعبية، وإذا سقطت (كاودا)، يمكن أن يتوقف الدعم اللوجستي الذي يصل للحركة الشعبية منها لأنها تضم مقار المنظمات والمطار ومصدر كل اللوجستيات.. يعني هي منطقة إستراتيجية.
{ ممكن تذكر لنا بقية المناطق التي توجد فيها قوات الحركة الشعبية؟
_ من المناطق (خور برام، طورجي، منطقة سلارة، النقل وتيما).. كلها مناطق كبيرة.
{ قوة الحركة الشعبية قبل خمس سنوات والآن.. ترى أي الحالين أفضل؟
_ تقصد قبل (6/6).. إذا كنت تقصد ذلك بالنظر للوضع الميداني، “خليل إبراهيم” و”مني أركو مناوي” ما عندهم خيار غير السلام، خاصة وأن الحكومة الآن مستعدة وجادة في العملية السلمية أكثر من أي وقت مضى، كما أن الحركة الشعبية الآن غير قوية، بل ضعيفة، لأنها كانت تستند إلى تحالفات مع الجبهة الثورية، والآن تراجعت الروح المعنوية للقوات.. غير ذلك الأهالي هنالك يريدون السلام وضجروا من الحرب، لكن بعض القيادات بخلاف ذلك يريدون استمرارها، لأن منهم من يستفيد من ذلك.
{ هل صحيح أن (كاودا) منطقة مقفولة وحركة المواطنين محدودة؟
_ نعم.. طبعاً مناطق سيطرة الحركة الشعبية بها بعض الإجراءات، حيث لا أحد يخرج منها سواء مواطن أو عسكري، عدا الشخص الذي دخل إليها بطريقة غير شرعية، يتم إبعاده.
{ بما فيها الأغراض الإنسانية؟
_ طبعاً يُسمح للشخص بالخروج حال شخّص الطبيب أن المرض ليس له علاج بـ(كاودا).
{ يعني هذا أن لديكم أطباء؟
_ يوجد أطباء سودانيون وأجانب، لكن بعض الأمراض لا يوجد له علاج إلا بالخارج.
{ علاقتكم بالجنوب.. هل تتواصلون معهم؟
_ لدينا تواصل عادي معهم، بحكم قرب المسافة الجغرافية.
{ بالنسبة للسلع والأغذية من أين تحصلون عليها؟
_ تتوفر بعض السلع المحلية لأن المواطنين ينتجون ويزرعون، وبعض من السلع يأتي من دولة الجنوب، وأخرى من جهة الشمال.
{ هل “عرمان” و”الحلو” يزورانكم؟
_ نعم كانا يزوران (كاودا) بصورة مستمرة.. كل ثلاث أشهر.. ومرات كل ستة أشهر، وفي زياراتهما يقدمان تنويراً عن جولات السلام، وعن أسباب فشلها والوضع السياسي العام في الخرطوم والسياسة العالمية.
{ حدثنا عن استقبال القوات لهما؟
_ الاستقبال عادي كقائدين للحركة الشعبية بالهتاف والحماس وبالاحترام.
{ بصفتك ضمن المهاجمين لأم درمان في 2008م إذا عاد بك الزمن هل ستجرؤ على الخطوة؟
_ هذا كان في زمن مختلف، الآن تغيرت الأوضاع كثيراً والسياسة مياه متحركة وغير ثابتة.. نعم كانت خطوة جريئة ومتهورة لكنها جاءت باختيار القيادة، “خليل إبراهيم”، الذي كانت بدايتي معه بحركة العدل والمساواة، وفي 2012م حدثت خلافات بيننا وانضممت للحركة الشعبية.
{ هل كنت ضمن القادة؟
_ نعم.. كنت ضمن قيادات القوة التي دخلت منطقة الفتيجاب ووصلنا الكوبري.
{ ما حجم المقاومة من قبل قواتنا المسلحة؟
_ حجم المعركة كان كبيراً بصراحة، وفي البداية انهارت الدفاعات وانسحبنا، وصاحبت قواتنا بعض الأخطاء الفنية، لذلك لم نستمر في التقدم.
{ في رأيك.. لو قطعتم الكوبري كيف يكون الحال؟
_ لو اجتزنا المقاومة و(قطعنا الكوبري)، لكانت الحكومة سقطت حينها.. كانت معي (17) عربة باعتبارنا أكبر قوة مهاجمة ويرافقنا دكتور “خليل” الذي تركناه في منطقة المهندسين قبل أن نتجه ببقية القوات ناحية الكوبري.
{ هل كان يمكنكم (قطع الكوبري)؟
_ نعم، كان يمكننا قطع الكوبري.
{ رسالة توجهها إلى الذين ما زالوا في التمرد؟
_ رسالتي لهم.. عليهم الرجوع إلى صوت العقل والعودة للسلام وأقول لهم إن (مشروع السودان الجديد) الذي كنا ننادي به وجدناه في (وثيقة الحوار الوطني)، وكذلك احتوت حلولاً لذات القضايا التي خرجنا من أجلها.
المجهر السياسي