قال بروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم إن نسبة الإصابة بالأمراض النفسية بولاية الخرطوم تبلغ 40% من إجمالي تردد الأمراض، ولفت الى وجود ما بين 20 -30 % من طلاب ولاية الخرطوم يعانون من أعراض الإصابة بالأمراض النفسية، وإن ما بين 40 -50% من المرضى النفسيين يذهبون لغير الأطباء، (ويقصد) الشيوخ والمعالجين بالقرآن والعشابين لما لهم من دور في معالجة الأمراض النفسية.
* جميل جداً أن تخرج هذه الإحصائية (المشكوك في صحة أرقامها الحقيقية)، من وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مأمون حميدة، والذي يعلم أكثر من غيره الأسباب الحقيقية التي أدت لإرتفاع هذه النسبة المخيفة وسط مواطني ولاية الخرطوم، وخاصة فئة الطلاب.
فإذا أردنا التعقيب على الوزير حميدة في الجزئية الخاصة بالطلاب تحديداً، فلا بد أن نذكره بأن أحد الأسباب الرئيسية لإصابتهم بالاكتئاب، هو حالة (الإكتئاب) العامة التي أصابت معظم الأسر السودانية لعجزها عن سداد أبسط احتياجاتها وخاصة احتياجات أبناءها، خاصة فيما يتعلق برسومهم الدراسية سواء أكان على مستوى المدارس أو الجامعات.
* بعد أن أصبح التعليم في السودان عبارة عن إستثمار، والشاهد على ذلك، تكاثر المدارس الخاصة حتى داخل الأحياء الصغيرة والفقيرة، والرسوم الفلكية التي تفرضها وزارة التربية والتعليم علي تراخيصها، والتي تنعكس سلباً على التلاميذ والطلاب، من تجار وسمسارة التعليم من أصحاب هذه المدارس.
* الأرقام الفلكية التي تفرضها الكثير جداً من المدارس والجامعات الخاصة وحتى الحكومية دون النظر إلى وضع البلاد عموماً والمواطن على وجه الخصوص في ظل الظروف المعلومة، كفيلة بأن تتسبب في إصابة كافة الشعب السوداني وليس الطلاب فقط بالاكتئاب والاضطراب النفسي.
* ومأمون حميدة نفسه مسؤول بشكل أو بآخر عن مشاكل الدراسة الجامعية، وتحديداً دراسة الطب نسبة لارتفاع (أسعار كليات الطب في الجامعات الخاصة)، بعد أن وصلت كلية الطب بجامعته الخاصة لأكثر من 150 مليون جنيه للطالب الواحد، ولا أحد يعلم عبقرية المناهج التي تُدرَس في هذه الجامعة.
* من حق مأمون حميدة أن يرفع رسوم جامعته لأكثر من 150 مليون جنيه، وبذات القدر من حق الناس عليه أن يُسأل عن أسباب التحاق عدد ليس بالقليل من طلاب جامعته بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).�
* أليس هذا سبباً كافياً لاكتئاب هؤلاء الطلاب وأُسرهم، وإصابتهم بالجنون وليس الاكتئاب فقط؟
* وعندما يصل مريض لتلقي علاج وهو (خاوي الجيب)، ويُطالب بتسديد رسوم الخدمات العلاجية وشراء أدوية بأسعار ليست في مقدوره، أليست سبباً كافياً للإصابة بالاضطرابات النفسية؟
* وعندما يفشل رب أُسرة في توفير جرعة دواء لطفله أو زوجته أو والده ، أليس هذا من مسببات القهر والإحباط والاكتئاب؟
* الشعب السوداني في معظمه مريض نفسياً، والشباب تحديداً أكثر عرضة للإصابة، ولا تكفيه مسكنات حميدة أو جرعات بت أًكد التخديرية، أو حتى الشيوخ أو العشابين الذين طالب حميدة الأطباء بتوحيد الجهود معهم.
* وهنا لا بد أن نهمس في أذن الوزير الهمام بضرورة سماع الأغنية الشائعة (جيبوا لي الشيخ، يقرأ لي أوراد، يا الأولياء الصلاح، شوفوا لي علاج بالمحاية شراب)، عسى أن يكون فيها شفاء للشعب المكتئب.
بلاحدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة