حصل عدد كبير من السوريّين على الجنسيّة السودانيّة مؤخّراً، بعد تسهيلات من السلطات السودانية. وبات جواز السفر السوداني وسيلة السوريّين للتوجّه إلى بعض الدول العربية، التي لا تفرض تأشيرة دخول على المواطنين السودانيين.
ودفعت سهولة الحصول على الجنسية السودانية سوريّين كثيرين إلى التفكير في السفر إلى هذا البلد الأفريقي، حيث لا قيود على دخول السوريّين.
في هذا السياق، يقول وائل الغفير، سوري الأصل الذي يحمل جواز سفر سودانياً، إن غالبية المواطنين السوريين يرغبون في السفر إلى السودان بسبب سهولة المعاملات، كما أنّ السوريّين المقيمين في السودان يحصلون على الجنسية السودانية بسهولة. يضيف: “يمكن لأيّ سوري الحصول على الجنسية السودانيّة بمجرّد أن يكون مقيماً في السودان لمدّة لا تقل عن ستة أشهر. وفي حال عدم استيفاء هذا الشرط، يمكن تخطيه من خلال الاستعانة بمكتب تسيير المعاملات في مقابل دفع مبلغ يقدر بسبعة آلاف دولار أميركي”.
في الوقت الحالي، يهتمّ سوريّون بالجنسيّة السودانيّة، خصوصاً أنّ الجنسيّة تساهم في تسهيل تنقلاتهم. ويلفت الغفير إلى أنّ الصعوبات التي وضعها العالم في وجه السوريّين، لمجرّد أنّهم يحملون جواز سفر سوريا، جعلهم يرغبون في الحصول على الجنسية السودانية. يضيف: “أردت الحصول على الجنسية السودانية ليس فقط من أجل التنقل بين الدول العربية التي لا تفرض تأشيرة دخول على السودان، بل أيضاً بهدف الدخول إلى دول أخرى ترفض استقبال السوريين”.
أما محمد يحيى، فكان قد سافر إلى السودان في منتصف عام 2016. في ذلك الوقت، لم يكن لديه خيار غير السودان. كان يرغب في السفر إلى تركيا، إلّا أنّ الأخيرة فرضت تأشيرة على دخول السوريّين، وصار دخول تركيا صعباً. كان طالباً في كليّة الاقتصاد في دمشق، إلّا أنه اضطر إلى ترك الجامعة ومغادرة البلاد بسبب ملاحقة النظام السوري للشبان، بهدف تجنيدهم.
يضيف: “حين وصلت إلى السودان، ساعدتني مجموعة من الشبان في تأمين مسكن وعمل في مطعم. كانوا من أهل الخير”، واصفاً السودانيين بـ “الشعب الطيب والودود والمحب لفعل الخير”. يتابع: “لحسن حظي أن الحكومة السودانية فتحت باب تقديم طلبات الحصول على الجنسية السودانية، فتقدمت بطلب ودفعت الرسوم. وقد حصل نحو ألف شخص على الجنسية السودانية”.
يرغب يحيى في السفر إلى إحدى الدول الخليجية بعد نيله الجنسيّة السودانية، حيث يعيش بعض أقربائه. ويحلم بأن يتمكن من إيجاد عمل مناسب والتأسيس لمستقبله. وعلمت “العربي الجديد” أن مئات السوريين تمكنوا من السفر إلى دول خليجية، وتحديداً إلى السعودية، وقد حصلوا على تأشيرة دخول بسبب امتلاكهم الجنسية السودانية.
وتحول السودان إلى محطة للقاء السوريين. أم أحمد الحمامي نجحت في لقاء ابنها الذي يعيش في السويد، في العاصمة الخرطوم، بعد سنوات من الفراق. تقول لـ “العربي الجديد”: “سافر ابني إلى السويد عن طريق البحر، ولم يعد في مقدوره العودة إلى سورية خشية اعتقاله. في الوقت نفسه، لا نستطيع السفر إلى أي بلد لأننا نحمل جواز سفر سوريا”. وتلفت إلى أن السودان هو “البلد الوحيد الذي استقبلنا وأعطاني فرصة رؤية ابني”.
تضيف الحمامي: “الشعب السوداني طيب. أشعر بالامتنان لهذا البلد الذي وافق على استقبالي، ومنحني فرصة رؤية ابني. لو لم يحصل هذا، ربّما لما استطعت رؤيته”. في الوقت الحالي، تحاول الحصول على الجنسية السودانية، عسى أن تكون حياتها أسهل في المستقبل.
تجدر الإشارة إلى أن آلاف السوريّين اختاروا السودان وجهة لهم نتيجة التسهيلات التي قدمتها الحكومة لهم، منها السماح لهم بالعمل وحرية التنقل والإقامة. كذلك، فإنّ كلفة العيش فيها تعدّ أقلّ بالمقارنة مع الدول الأخرى.
قبل عام، فتحت الحكومة السودانيّة باب التجنيس أمام مواطني ست دول، من بينها سورية والعراق واليمن وفلسطين وبورما، والشرط الأصعب هو الإقامة في السودان لمدة تتجاوز الستة أشهر. وفي وقت لاحق، أطلق سودانيّون حملة مطالبين بالحدّ من حرية حركة السوريين ومعاملتهم كلاجئين، خصوصاً بعد إساءة البعض لهم. إلّا أنّ الحملة لم تلق رواجاً، إذ أشار معظم السودانيين إلى ضرورة احتضان السوريين، مؤكدين على سلوكهم الجيد والتزامهم بقوانين البلاد واحترام المجتمع السوداني.
العربي الجديد