لم تتوقف العلاقات السودانية الإثيوبية عند حدود التعاون المشترك الذي أعلنته كل من الخرطوم وأديس أبابا من قبل، بل تعدته لتتطور باتجاه التكامل والدفاع المشترك من أي تهديد يواجهه كل منهما في المستقبل القريب على الأقل حتى الآن.
ولم تكتف الخرطوم وأديس أبابا بإعلانهما تعاونا يبدو في ظاهره اقتصاديا وسياسيا، لتزيد عليه صراحة التشارك العسكري الذي لوح به الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلاميريام ديسيلين في مؤتمر صحفي عقداه بالعاصمة الإثيوبية الاثنين الماضي.
لكن محللين سياسيين لم يستبعدوا أن يكون التهديد أو العمل العسكري يقصد به مصر التي ترفض حتى الآن التوقيع على كافة وثائق بناء سد النهضة الإثيوبي الجديد.
وقال البشير إن الأمن القومي الإثيوبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي السوداني. وشدد على أن أي تهديد لأمن إثيوبيا هو تهديد مباشر لأمن السودان. من جهته قال ديسيلين إن البلدين اتفقا على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بينهما وإنهما سيعملان من أجل تحقيق الاستقرار وحل النزاعات في الإقليم.
ويجمع تفكير المحللين بين المشكل المصري الإثيوبي والمصري السوداني، مما دفع الخرطوم وأديس أبابا لأن تعلنا صراحة موقفا أكثر صرامة وحزما “ما اعتبر تطورا نوعيا في علاقة الدولتين مع شريكتهما في مياه النيل”.
مصر
وتأتي تصريحات المسؤولين بعد تفاقم الخلافات حول سد النهضة من جهة وحلايب وشلاتين من جهة أخرى، الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون بمثابة إعلان تحذيري أمني للحكومة المصرية للكف عن استخدام لغة “التهديد والوعيد” في تعاملها مع ملف النهضة أو مثلث حلايب.
وذكر الرئيس السوداني في مؤتمره الصحفي بأديس أبابا أن “التكامل مع إثيوبيا يشمل كل المجالات، خاصة الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية”.
وأشار إلى أهمية الاستفادة من الموارد المائية لدول حوض النيل بصورة عادلة، مضيفا “نحن متفقون حول سد النهضة الإثيوبي الذي سيمد السودان وإثيوبيا بالطاقة الكهربائية”.
بدوره أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي عن بدء مرحلة جديدة من التكامل بين البلدين، وأردف “إننا متفقون في كافة المجالات، وسنعمل من أجل تحقيق الاستقرار وحل النزاعات في الإقليم”.
وزاد “نعمل معا برؤية مشتركة خاصة في التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي والسياسي” مشيرا إلى أن أي تهديد للسودان “هو تهديد للأمن القومي الإثيوبي”.
يُشار الى أن البلدين وقعا عددا من اتفاقيات التعاون بما في ذلك اتفاقيات بشأن الطاقة والأمن والبنية التحتية وغيرها من القطاعات.
علاقة متميزة
واعتبر عضو المكتب القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان إسماعيل الحاج موسى أن ما أعلنه البشير وديسيلين لا يخرج عن إطار العلاقة المتميزة والتاريخية بين البلدين، معتبرا أنها لا تعكس بأي حال من الأحوال إرسال رسالة لدولة أخرى في المنطقة.
وأوضح موسى لـ الجزيرة نت أن بلاده تقف على مسافة واحدة بين كل الدول المتصارعة في المحيط الدولي والإقليمي “وتعمل على تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة”.
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية أسامة بابكر أن الإعلان قصد به تحذير أخير للحكومة المصرية للكف عن لغة التهديد والوعيد في تعاملها مع ملف سد النهضة. وقال للجزيرة نت: جوهر حديث الرئيسين نداء للحكومة المصرية إن كان يهمها أمنها القومي أن تكف عن ذلك.
ووفق بابكر، فإن تعهدات الرئيسين نابعة من وجدان صادق وندية في التعامل “لكن ذلك لا يعجب حكومة مصر التي تعتقد بتواطؤ السودان مع إثيوبيا في سد النهضة”.
بينما يخالف تلك الآراء أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية الطاهر عبد القادر الفادني بابكر، حيث يرى أن التصريحات تعكس وصول علاقة البلدين إلى قمتها المتمثلة في “الأمن القومي” وليس بالضرورة أن تكون موجهة ضد مصر.
الجزيرة