تسريبات وجس نبض لقرار الحكومة بتفكيك وزارة الموارد المائية والكهرباء والسدود إلى وزارتين ، إحداهما وزارة الكهرباء والسدود ، وهي التي لن يفرط فيها المؤتمر الوطني لغيره من الشركاء لأسباب معلومة ، ووزارة الموارد المائية والري وهذه لارغبة للوطني بشغلها ، ففي كل الاحوال سيكون مهيمناً عليها من خلال وزارة الكهرباء أو مجلس الوزراء، لا سيما أن ما قام به الوزير الحالي معتز موسى من تفريط في حقوق البلاد من خلال موافقته غير المشروطة على سد النهضة ، دون حتى إتفاق واضح المعالم حول كيفية انتفاع السودان من السد .
كنت قد قررت إيقاف الكتابة عن الكهرباء باعتبار أن الوزارة تمر بحالة إنتقال ، وربما لا يتم التجديد للوزير معتز موسى ، إلا أنني لم استطع فكاكاً ، فبينما كنت قوم بحفظ ملفات الكهرباء ، ودون قصد فتحت حلقة حتى تكتمل الصورة وياللعجب و كأني أسمعها أول مرة ، رداً على تساؤل الاستاذ الطاهر حسن التوم حول وجوب التخصص في مجال عمله قال وزير الكهرباء معتز موسى في الدقيقة الثانية من الحوار ( أي دولة في طور البناء تكون الاستثناءات هي السائدة ، والبلد في حالة النشوء والتطور يكون المهندس طبيب والطبيب يعمل في محطة الوقود ، وكل الناس في همة عالية يحاولوا يسدوا الفرقة والبلد تمشي لي قدام ، لاحوجة للتخصصات حتى تستقر البلد ) ، هكذا ، الكهرباء تتعمد افشال برنامج إصلاح أجهزة الدولة.
و شخارم بخارم ، طايوقك وارم .. معتز يمسح بالأرض الإرث الاكاديمي فى العلوم التطبيقية ، و يعتقد أن مرحلة (البناء ) كما فعلوا يكون فيها المساح مديراً مالياً و فني الديكور مدير إدارة هندسية ، و خريج اللغة الانجليزية مديرآ للجودة ، و سيادته خريج الاقتصاد يكون وزيرآ للكهرباء .
لقد كتبنا أكثر من مرة عن هيمنة افراد محدودين بوزارة الموارد المائية والري والكهرباء على كل دخل قطاع الكهرباء وكل الموارد المالية الأخرى ، التي تعادل ايراداتها خمسة أضعاف ميزانية الدولة السنوية ، و هي أكبر الأصول المملوكة للدولة ، و فى مخالفة واضحة لقانون الشركات لسنة 2015م ، أصبحت كل شركات الكهرباء عبارة عن ادارات فقط لا أكثر وخاصة في الجانب المالي وتأكيداً لذلك فإن كل الشركات مازالت تقدم ميزانيتها للوزارة وتقوم الجهة المهيمنة على المال بالوزارة بتغذية ميزانياتها حسب ما يروق لها وبالطبع دون معرفة الأولويات ، بالرغم أن هذه الشركات تنتج أو تنقل أو توزع الكهرباء ، كان ينبغي أن تتعامل هذه الشركات وفق عقود شراء أو تبادل الطاقة كما نصت عليه الدراسات التي تم إعدادها مسبقاً ، الامر الذي كان من شأنه معرفة دخل كل شركة حسب النشاط الذي تقوم به ، و كما أسلفنا فلا يوجد أي أثر لعقود شراء الطاقة التي كان ينبغي توقيعها بين شركات التوليد والنقل والتوزيع وتجديدها سنوياً ، و لا توجد معاملات مالية وحسابية تتعلق بشراء وبيع الطاقة ، وهو ما يخالف المعيار المحاسبي الدولي رقم (26).
هذا الوضع جعل كل الشركات لا تستطيع الايفاء بإلتزاماتها المالية في وقتها المحدد كما هو مخطط بواسطة الخبراء كل في مجاله ، هذا النهج في الهيمنة المالية قد ظهر أثره جلياً في شركة التوزيع التي لديها إلتزامات تجاه الزبائن وأصبح توصيل عداد واحد فقط ربما يتم بعد عدة أشهر وكذلك تمديد الشبكة على كافة المستويات رغم تسديد الزبائن ما عليهم من اموال و يتضح هذا من المبالغ الضخمة التي تمثل مديونية الزبائن على الشركة ، وقد كثرت الشكاوى من عدم توفر مواد التوصيل لاحجام الوزارة من تلبية احتياجات الشركات لوجود أولويات أخرى تحددها جهات غير فنية وقد ظهر هذا جلياً في عدة احتياجات ومجالات فنية مثل العدادات و الكوابل .
الأهم من ذلك كله انعكاس هذه الهيمنة المالية على برنامج صيانة محطات التوليد وبالأخص التوليد الحراري حيث من المعروف أن وحدات التوليد الحراري مثلها مثل أي ماكينات تحتاج للصيانة الدورية والمبرمجة في مواعيدها المحددة واذا لم يتم ذلك فله انعكاس سالب جداً جداً وربما تتضاعف التكلفة المالية للصيانة المتأخرة عن موعدها أو ربما يؤدي تأخير الصيانة الى تلف كبير بالوحدات ويجبرها ان تكون خارج الخدمة لفترة طويلة ، وهذا ما حدث فعلاً بمحطة قري فالوحدات البخارية ( رقم 3 ) و ( رقم 4 ) ربما تأخذ وقتاً طويلاً لتعود للخدمة مرة أخرى ، والمعلوم أن هذه الوحدات لا تستخدم وقوداً إضافي إنما تستخدم الحرارة المنبعثة من مدخنة الوحدات وقود اضافي أو كما شرحها السيد الوزير ( عادم المكنة الاولى والثانية لتشغيل الثالثة ) ، رغم بساطة هذا الامر هندسياً فالقائمين على أمر المال لا يدركون الأولويات ، كان ينبغي الحفاظ على مثل هذه الوحدات والتي سعتها المركبة تقارب السعة الفعلية للوحدات الاسعافية ذات (150) ميقاواط ، التي تم جلبها مؤخراً والتي تستهلك اكثر من ( ستة الف طن ) جازولين في الشهر الواحد ، هذا بالاضافة لضرورة المحافظة على وحدات ( قري 4 ) لتعمل دون توقف بسبب الصيانة وهي تعمل بوقود هو من مخلفات المصفى ( الفحم البترولي ) ، اليس في ترك هذه الوحدات تتعطل لعدم الصيانة والسعى وراء وحدات اسعافية مكلفة ولن تفى بالغرض تبديد للموارد ؟، وهل هذه نتيجة حتمية لعدم معرفة المتنفذين في الوزارة بأولويات قطاع الكهرباء ؟ وهذا قول وزير الكهرباء .و نحن نودع السيد معتز موسى نسأله ، ما علاقته بشركة قولدن اسكوير ؟ .
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة