مأكلة وغتغتة

* يظل مبدأ المحاسبة في قاموس حكومة الإنقاذ (من البنود المجمدة)، غير صالحة الإستخدام.
* ويعتبر أدب الإستقالة، غير موجود أصلاً، بينما يبقى (فقه السُترة)، من الثوابت التي شكلت معالم النظام الشمولي ورسخت للمزيد من المفاهيم السالبة حول (اسطوانة) الدولة الرسالية التي بشرت بها الانقاذ منذ مجيئها.
* ولعل المرة الوحيدة التي سمعنا فيها تهديداً من جهة تشريعية أو سيادية بإقالة وزير أو مسؤول حال ثبت تورطه في قضية أو اخفاقه في آداء مهامه، ما جاء في جلسة لمجلس تشريعي الخرطوم قبل عام تقريبا بسحب الثقة من وزير البنى التحتية أحمد قاسم حال عدم تقديمه إعتذار رسمي للمجلس حول زيادة تعرفة المياه.

* وذهب التشريعي لأبعد من ذلك ملوحاً بسحب الثقة من أي وزير ثبت تقصيره في مهامه.
* ورغم ذلك ثبتت تعرفة المياه على حالها، والشوارع بمطباتها القاتلة، والظلام الحالك مسيطراً على شوارع العاصمة الرئيسية لتتسبب بشكل مباشر في معظم الجرائم والحوادث التي نسمع بها يومياً.
* ويظل الوزير هو الوزير، لا مجال لاقالته ولا طرح الثقة عنه، ليثبت للجميع أن مايدور في جلسات البرلمان والمجالس التشريعية مجرد ونسات فقط.

* أليست هذه اخفاقات تستوجب الاقالة وطرح الثقة، أم أنها لا ترتقي بعد لمستوى الاخفاقات والفشل ؟
* ما يحدث من (غتغتة) للمسؤولين وطبطبة للوزراء من التشريعيين، يؤكد أمر واحد فقط وهو أن تضليل المواطن أصبح هو السياسة المتبعة من قبل الحكومة، وحقنه بمخدر الوعود الزائفة صار السلعة الرائجة ، وكلنا يذكر حديث رئاسة الجمهورية في افتتاح سد مروي (الأسطوري) والذي وعدت فيه المواطن بنهاية عهد الفقر والإكتفاء الذاتي ووفرة المياه وتوقف قطوعات الكهرباء.

* وقبلها سمعنا من صقور المؤتمر الوطني ناعم القول حول ذات السد الذي تأكد فيما بعد أنه لم يكن سوى (مأكلة) للبعض، صاحبته (غتغتة) من كبار لهم ضلع ثابت في كل الفساد الذي صاحب تنفيذ هذا المشروع الاسطوري الذي إتضح أنه أكبر كذبة في تاريخ السودان الحديث.
* مواطن أصبح يتودد ويتوسل حكومته لتوفير أبسط حقوقه من مياه وكهرباء وصحة وتعليم، والحكومة تتدلل عليه بغنج واضح وتتعامل معه بسياسة المطرقة والسندان، ويظل صامتاً خانعاَ خاضعاً لمصيره الذي أصبح بيد زيد لا بيده.
* ولكن ما لا يعلمه السادة المسؤولين الأماجد، أن المواطن السوداني مهما طال به الصمت والخضوع ستأتي لحظة الحقيقة التي لا تراجع عنها مهما كان الثمن.

* صبر الشعب السوداني على الجوع والعطش والمرض والجهل مؤكد سيكون له ردة فعل لن يستطيع تحملها المؤتمر الوطني ولا أحزابه الموالية الموعودة بكيكة الوفاق الوطني، لأن الغضبة القادمة سيدفع ثمنها كل من ساهم في تجويع الشعب وإفقاره.

* وحتي يحين ذلك الوقت دعونا ننتظر اعتذار السادة الوزراء والمسؤولين التنفيذيين والتشريعين عن كل ما حاق بالشعب من ظلم وهضم حقوق، ولن ننتظر بالتأكيد استقالة او اقالة لاننا سنكون قد دخلنا في متاهة لا قبل لاحدنا بها.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version