السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب عمري 17 سنة، عندي مشكلة كبيرة بحياتي، وحاولت التخلص منها لكني ما استطعت، وهي أني كنت أسرق المال وأنا صغير، وبقيت أسرق حتى صرت بالغًا، ثم انكشفت قبل حوالي شهر بمبلغ كبير سرقته من والدي، وسامحني، ووعدته أن لا أعيدها.
لكنه سافر، وعاد الشيطان فغلبني، وسرقت من أمي وأخي، وأشعر بالندم الشديد، وأقول: هل أتوب أم لا؟ لأن الله ربما لا يسامحني هذه المرة؛ لأني أصررت على ذنبي، وأخي وأمي لم يعرفوا، وأنا خائف من ذلك؛ لأنهم لن يسامحوني، وأنا لا أقدر أن أرجع المال الذي سرقته بدون أن يعرفوا؛ لأني ما زلت طالبًا عمري 17 سنة.
أخاف أن يفضحني ربي أمامهم، فأمي من المستحيل أن تسامحني، وأخاف أن تخرب علاقتي بعائلتي. وأقسم بالله أني لما أكبر سأرجع ما سرقته كله وزيادة، لكني لا أريدهم أن يعرفوا.
ماذا أعمل؟ خائف من مكر الله أن يكشفني، وبماذا تنصحوني أن أفعل؟ ومن المستحيل أن أقول لهم؛ لأنه من المستحيل أن يثقوا في مرة أخرى. وشكرًا.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فإن خطوات التصحيح تبدأ بالتوبة النصوح، ومن تاب تاب الله عليه، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ونتمنى أن تظهر عليك آثار التوبة، وثق بأن أهلك هم أحرص الناس على صلاحك ونجاحك، فاقترب منهم، واعرض لهم احتياجك إلى المال، واطلب منهم المساعدة، وبشرهم بأنك لن تنسى ما عملوه من أجلك، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الأماني والآمال.
كنا نتمنى أن نعرف ماذا تفعل بالأموال، وهل أهلك يوفرون لك مصروفًا مناسبًا أم لا؟ وكيف وضع الأسرة المالي؟ وماذا عملت بالأموال التي أخذتها من الوالد وأحدثت لك مشكلة؟ ووو
ولا شك أن توضيح هذه الأمور مما يساعدنا جميعًا في وضع خطة للتعاملات المالية بينك وبين أفراد أسرتك، وعندما يصلنا التوضيح؛ نستطيع أن نعالج أسباب ما يحصل معك؛ فقد نقول: أنت تستحق مصروفًا أكثر، ونتفق على الطريقة التي تطلب بها المزيد، وقد نقول: طريقتك في التعامل المالي فيها إسراف، وهذا ليس في مصلحتك حتى لو كانت الأسرة غنية والأموال وفيرة، بل الإسراف ممنوع حتى لو كانت الأموال ملكًا لك.
ونحن لا نؤيد فكرة فضح نفسك، ولكننا ندعوك إلى تفادي هذا الأسلوب، والتوبة مما حصل، والحرص على بر أهلك، واطلب ما تحتاجه مباشرة من الوالد أو الوالدة، أو اذكر حاجتك لأقربهم منك؛ ليتكلم بلسانك؛ حتى توفر لك الأسرة ما تحتاجه.
ولا شك أن سرقة الأموال من أي إنسان إشكال كبير، بل هو كبيرة، فلا تورط نفسك مجددًا في هذا السلوك المرفوض، وتعوذ بالله من شيطان يدفعك لمثل هذه التصرفات التي تترك آثارًا كبيرة على سمعتك ومستقبلك، وثقة أهلك فيك وبك من أغلى ما تحتاجه في حياتك بعد إيمانك بربك، فانتبه لنفسك، وتدارك الخلل، واعلم أن ربنا الكريم إذا علم منك الصدق ستر عليك ويسر أمرك، ووجه قلوب أهلك لك؛ فقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، ومن أقبل على الله بقلبه، وصدق وأخلص؛ أقبل الله بقلوب الناس عليه.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالتوبة النصوح، وإن ظهر الأمر فأحسن الاعتذار، وعدهم برد كل درهم لأصحابه، ولكن لا تبادر بفضح نفسك، وعندما تملك الأموال مستقبلاً سوف نعلمك طريقة رد الحقوق لأصحابها، وعندها سيكون لكل حادثة حديث. أما الآن؛ فأشغل نفسك بالاستغفار، واحرص على الصلاة والصلاح، وكن قريبًا من أسرتك وفيًا لهم، واطلب ما تحتاجه منهم، ونسأل الله أن يوسع عليكم، وأن يلهمكم السداد والرشاد.
د. أحمد الفرجابي
المشكاة