لطالما كانت أضراس العقل مشكلة مقلقة للجميع، خصوصاً مع شيوع فكرة التخلّص منها عبر العمليات الجراحية في الفم.
إلّا أنّه من المهم أن يعلم الجميع أنّ التخلّص من هذه الأضراس تكون محتّمة فقط في حالة من أصل 3 حالات. فمتى يمكن تركها ومتى يجب نزعها؟
يظهر ضرس العقل ابتداءً من عمر الـ18 سنة (حتى عمر الـ65)، ما يفسّر سبب تسميته كذلك، خصوصاً وأنّه ينمو في سنّ الرشد. وتتعدّد الروايات حول هذا الضرس في الفم، لذلك وبهدف التوعية على صحة الأسنان، جريدة الجمهورية اللبنانية نشرت تقريراً حاورت فيه الاختصاصي في جراحة الأسنان والتعويضات الثابتة والمتحرّكة، والمتخصّص في معالجة الأسنان بواسطة الليزر، الدكتور شادي فرنجية الذي إستهل حديثه قائلاً: «أضراس العقل 4، 2 تقعان في الركن الخلفي للفك العلوي و2 في الركن الخلفي للفك السفلي.
ولحسن حظ البعض، لا تظهر لديهم هذه الأضراس، والبعض الآخر قد يظهر لديهم ضرس واحد، وآخرون تظهر الاربعة مجتمعة، وذلك يعود الى أسباب وراثية».
الورم والأوجاع
في السابق، كانت اضراس العقل إرثاً لمرحلة قديمة، وكان أجدادنا يملكون فكّين كبيرين يسمحان في بروز أضراس العقل سالمة تساعدهم على تناول الأطعمة القاسية.
أمّا في عصرنا هذا ومع تطوّر البشرية، تبدّل الموضوع إذ أصبحنا نأكل أغذية طرية ساهمت الى حدّ بعيد في تحجيم البقعة المخصّصة لبزوغ ضرس العقل، الأمر الذي يسبّب لنا المشكلات والعوارض التي تدعو المريض الى زيارة الطبيب، ويعدّدها فرنجية:
• الآلام في الفك مكان بزوغ الضرس
• إلتهاب اللثة والنزيف
• التورّم
• وجع رأس
• صعوبة فتح الفم
• إرتفاع في الحرارة
• رائحة الفم الكريهة
الوضعيات
الى ذلك، لا تنمو أضراس العقل بالشكل نفسه عند جميع المرضى، ووضعية بزوغ الضرس تحدّد إمكانية تركه أو التخلص منه. وفي هذا الاطار، يشرح فرنجية عن الوضعيات الثلاث وطريقة علاجها:
• الانغراز الكامل: عندما يكون ضرس العقل مغروزاً بالكامل في العظام ولم يسبب أيّ عوارض أو مشكلات، عندها لا يجب لمسه. بينما يجب نزعه إذا نتج عنه الورم أو التنميل على مستوى الشفاه واللسان، ما يدلّ على إصابة العصب.
• الانغراز النصفي: يمكن أن ينغرز في العظام نصف ضرس العقل وأن يكون نصفه الثاني خارجاً، وهذه الحالة هي الاكثر شيوعاً من ناحية الحاجة لنزع الضرس، خصوصاً أنّه يمكن للبكتيريا أنّ تتجمع بشكل كثيف داخله ما يسبب الكثير من المشكلات للمريض.
• الوضعية الطبيعية: يمكن لضرس العقل أن ينمو بشكل طبيعي كسائر أضراس الفم دون التسبب بالمشكلات. وفي هذه الحالة لا داعي لنزعه، إلاّ إذا صعب على المريض تنظيفه بالفرشاة كما يجب فيتسوّس مسبباً الأضرار للضرس الذي في جانبه.
أهمية الفحوصات
قبل التوجه للتخلص من ضرس العقل على المريض أن يقوم بعدد من الفحوصات التي تساعد الطبيب على فهم وضعيّته، وبحسب فرنجية «يجب أن يخضع لصورة الأشعة (X-RAY) وصورة بانوراميك.
أمّا إذا كان الضرس قريباً من العصب، فيخضع المريض للسكانر الذي يساعد الطبيب على إختيار الآلات الطبية التي يجب استعمالها للحد من المضاعفات، خصوصاً وأنّه ينتج عن قطع الأعصاب في الفكين السفليين، تنميل في اللسان والشفاه مدى الحياة».
الجراحة
بعد ذلك، إذا إتّضح للطبيب ضرورة التخلص من الضرس، يمكن إجراء العملية في العيادة أو في المستشفى تحت التخدير الكلي، ويقول: «نعطي المريض المضادات الحيوية قبل العملية التي تراوح مدّتها بين الـ15 دقيقة والساعتين. وعلى المريض أن يعلم أنه سيواجه بعدها، صعوبة في فتح فمه لمدة يومين، كما يجب أنّ يأخذ المضادات الحيوية وأخرى للالتهاب ومسكنات للوجع».
التوصيات
ولا بدّ من التقيد ببعض النصائح لمدة 3 أيام تقريباً، لتفادي إلتهاب الجرح وحصول المضاعفات، وينصح فرنجية بـ:
• وضع كمادات ثلجية على الخد بعد 5 ساعات من العملية.
• بلع الريق و عدم التخلص منه لمنع تحرك الجرح والقطب.
• الامتناع عن التدخين.
• تناول أطعمة طرية سهلة البلع، وتفادي الساخنة منها.
• الابتعاد عن التدخين والكحول.
• تنظيف الفم في اليوم الثاني بعد العملية بواسطة سائل مطهّر.
• الإلتزام بالأدوية التي وصفها الطبيب والتقيّد حرفياً بتعليماته.
إنتبه عند زيارة الطبيب!
نسمع كثيراً في لبنان عن عدد لا بأس به من أطباء الاسنان الذين يعمدون الى نزع هذه الأضراس حتّى دون إخضاع المريض للصور والفحوصات.
وفي هذا السياق، وصف فرنجية هذا الوضع بالـ«الفلتان»، مؤكداً نقص الوعي في هذا الموضوع، لا سيما بوجود أطباء أجانب يعملون دون رقابة، ومن دون ترخيص»، مشيراً الى أنّ «الأمر لا يقتصر على أضراس العقل، فبعض الأطباء يمكن أنّ ينزعوا أيّ ضرس لا يعلمون كيفية معالجته. أمّا في ما يخص أضراس العقل وخصوصاً إذا كانوا 4، فقد يعمد بعضهم الى نزعها عشوائياً لتحصيل المردود المالي للعمليات الـ4.
من هنا انصح كل المرضى بالتوجه مرة في السنة عند طبيب الاسنان، والإصرار على اللجوء الى صورة الأشعة، التي تكشف ما لا يمكن للعين المجردة رؤيته.
وعندما يطلب الطبيب نزعَ أيّ ضرس، ليس معيباً أبداً أن يستشير المريض طبيب تقويم أو أيّ طبيب أسنان آخر، وهذا لا يقلّل من قيمة الطبيب، بل على العكس، يحمي المريض من نزع ضرس يجب أن يبقى».
صحيفة الجديد