أربجي والمسلمية محطات منسية..!!

وقف وفد أحفاد الشيخ إدريس ودالأرباب لبعض الوقت في أربجي وهم في طريقهم إلى سنار باعتبارها أحد أعمدة الدولة السنارية الصلبة التي أقامت عليها السلطنة بناياتها الشاهقة الراسخة ، وقفوا في محطة أربجي التي لا يُمكن أن يمُر بها من يُريد الوصول إلى تاريخ سنار بلا وقوف ، أربجي لمن لا يعلم عتبة رئيسة من عتبات الدولة السنارية لن يتخطاها الصاعد إلى أعلى بناياتها ، وقف الوفد للإستمتاع بعبق المكان والاستزادة منه والنهل من مشربه الأصيل للوصول به إلى مصب الحضارة والتاريخ والاستمتاع بالاستماع لشاديها وهو يصدح (سنار أنا والتاريخ بدأ من هنا)..
وقفة قصيرة في محطة كبيرة تستحق أن يطول فيها مُقام كل من جاء يُشاركنا في تنصيب سنار عاصمة للثقافة الإسلامية ، إحتفائية كبيرة ولقب رائع تستحقه سنار وإن كان هُناك من أخرى تُشاركها هذا اللقب أو تتناوبه معها فستظل (أربجي) هي العاصمة التاريخية والمدينة العريقة التي تستحق الإحتفاء بها وإبراز دورها التاريخي في إسناد سنار وقد كانت الشريك الأصيل لها في إدارة الدولة السنارية..
أنشأ الشيخ حجازي بن معين بن عابد مدينة أربجي في العام (1474م) كأول مدينة للإدارة والقضاء ومركز للتجارة في الجزيرة السنارية قبل سنار بثلاثين عاما ، اتخذها من بعد شيوخ العبدلاب لمكانتها السامية عاصمة إدارية لهم في العام (1568م) بداية من الشيخ عجيب المانجلك (1568ــ1608م) واستمر حكم العبدلاب لها حتى العام (1680م) قرن كامل من الزمان إستمرت فيه أربجي هي عاصمتهم وقد شهدت تأسيس إلادارة الراشدة وتعيين أول مجموعة من القُضاة الشرعيين في دولة سنار..
محطة أخرى منسية ..
قرن آخر من الزمان (1680ــ1783م) ظلت فيه أربجي مدينة (فاعلة) بعد اتخاذ الشنابلة لها كأول عاصمة لهم تحت الظل الإداري لسنار ، تعاقب عليها عدد من مشائخهم إلى أن تمّ تدميرها بالكامل بسبب خلافات قبلية تاريخية إنتقل بعدها الشنابلة إلى مدينة المسلمية التي أنشئت في العام (1660م) تقريباً واستمر فيها حُكم مشيخة الشنابلة لأكثر من مائة عام (1784ــ1899م) وانتقلت لها كُل تبعات السلطة الادارية والقضائية وفيها ازدهرت التجارة بشقيها الداخلي والخارجي بعد خراب أربجي..
مكانة كبيرة نالها مشائخ أربجي عند ملوك وسلاطين المملكة السنارية بتعيين الشيخ شمبول وزيراً للأعراب وارتفعت كذلك به مكانة مدينة المسلمية ووضعوها في مقام أربجي بل أنّ الوثائق الصادرة من ملوك وسلاطين سنار كانت تُشير لشيوخها بشيوخ أربجي باعتبار أنّ المسلمية إمتداد لها ومعظم أهالي المنطقة كانوا يظنون أنّ المسلمية هي أربجي ..
لم يشفع للمسلمية هذا التاريخ والدور البارز في دعم دولة سنار المُحتفي بها ولم يضعها من يقوم على أمر الفعالية في قائمة المحطات الكُبرى التي لا يجب أن يتجاوزها قطار الإحتفائية دون الوقوف فيها مُتمهلا..
ولنا وقفات في هذه المحطات المنسية..
والله المُستعان..

زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة
Zahir95@live.com

Exit mobile version