أهتمت لجنة اجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية المعروفة إختصاراً بـ(السيسا) منذ تأسيسها بمناقشة القضايا والمهددات الأمنية للقارة الأفريقية ، وكان للسودان السبق في مبادرة انشائها و اتخذت من اديس ابابا مقراً لها وتعتبر عضويتها مفتوحة لجميع الدول الأفريقية اذ انها تناقش الموضوعات التى تهم جميع القارة.
ودرجت السيسا على عقد اجتماعاتها وتحدد اجندة الإجتماع الموضوعات التى تفرضها الساحة ،ولما كانت ظاهرة الإرتزاق والمقاتلين الأجانب متصدرة القضايا التي تهدد القارة الأفريقية خلال الفترة الحالية تجئ اجتماعات السيسا هذا العام في الخرطوم في الفترة من2الى 6 من ابريل القادم لمناقشة “ظاهر الإرتزاق والمقاتلين الإرهابين الأجانب والمنظمات غير الحكومة السالبة وآثلرها على الأمن والإستقرار في افريقيا”.
لا شك ان قضايا الإرتزاق تهدد الأمن الأقليمي والدولى ، خاصة بعد نشاط المجموعات المرتزقة في الدول التي تشهد توترات امنية مما يؤثر سلباً على الدول لاتي تجري فيها عمليات الإرتزاق وعلى الدول التى تخرج منها المجموعات المرتزقة.
لم تكن هذه المرة الأولى التى تستضيف فيها الخرطوم اجتماعات السيسا لكن تجىء اهمية الورشة هذا العام في وجود خبراء ومختصين للحديث حول الظواهر سابقة الذكر وعلى رأسها ظاهرة الإرتزاق التى يعاني منها السودان بصورة مباشرة ، وذلك من خلال وجود الحركات المسلحة في ليبيا وجنوب السودان.
وثبت بما لايدع مجالاً للشك قتال حركات دارفور وقطاع الشمال جنباً الى جنب مع قوات الجيش الشعبي مقابل الدعم المادى والعسكري مما ساهم في زيادة الأزمة في جنوب السودان. ولم تكن عمليات حركات دارفور في ليبيا ببعيدة عن ذلك حيث ظلت تقاتل مع قوات اللواء خليفة حفتر في خرق واضح للقانون الدولي ، ولم تكتف الحركات المتمردة بقبض ثمن الإرتزاق بل أكان لوجودها تأثير سالب على مواطني جنوب السودان وليبيا بنهب ممتلكاتهم وتهديد امنهم وسلامتهم.
على الرغم من أن ظاهرة الإرتزاق لم تكن وليدة اللحظة بل أنها بدأت منذ الستينيات الا ان الوضع الأمني المضطرب والتطورات الأخيرة التى مرت بها القارة الأفريقية مؤخراً جعلت تأثير الحركات المرتزقة أكبر من ذي قبل اذ ان الحركات المرتزقة ليست لها ولاء لجهة معينة بل أنها تعمل وفقاً لمن يدفع أكثر الأمر الذي جعلها تزيد من تعميق الأزمات في القارة الأفريقية.
بذلت القارة الأفريقة جهوداً عديدة في إطار مكافحة ظاهرة الإرتزاق عبر شجبها من خلال القمم الافريقة والإتفاق على ماحاربتها بالسبل التى تحفظ للقارة امنها واستقرارها خاصة وأن المجموعات التى تقوم بعمليات الإرتزاق مجموعات خارجة عن القانون الدولي .
ولم يكن الإهتمام بمحاربة ظاهره الإرتزاق مرتبط بالتطورات الأخيرة بل سبق ذلك توقيع رؤساء دول والحكومات للدول الأعضاء في منظمة الوحدة الوحدة الأفريقية على إتفاقية منظمة الوحدة الأفريقة للقضاء على الإرتزاق في افريقيا في العام 1977م ، وكانت مصادقة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحددة خلال دورتها الـ62 على قرار 145/62 المتعلق باستعمال المرتزقة كأده لإنتهاك حقوق الإنسان وعرقلة ممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها في إطار محاربة ظاهرة الإرتزاق.
وعلى الرغم من محاولات القارة الأفريقية ومجهوداتها في الحد من هذه ظاهرة الإرتزاق وتجريمها، إلا أن بعض الدول والأنظمة والحكومات تجد في المرتزقة وسيلة مجدية لتحقيق مصالحها مما جعل للمرتزقة دوراً كبيراً في الحروب والنزاعات المسلحة الدائرة حالياً في بعض دول القارة وإتساع دائرة الحرب وإخراجها من النطاق المحلي للدول الي النطاق الدولى.
لاشك أن ظاهرة الإرتزاق تعتبر من الظواهر المحرمة دولياً لجهة أن العناصر المرتزقة تعتبر مهدداً أمنيا على المواطنين فضلاً عن دورهم في نشر الفوضى وإشعال الحروب فقد بذل المجتمع الدولى عدداً من الجهود في محاربة الظاهرة وذلك بإصدار سلسلة من القرارات التي تدين نشاط المرتزقة وحرمته وأكدت عدم مشروعيته . وتجيء ورشة السيسا هذا العام لإستكمال ذات الجهود في ظل الخاطر الماثل من تهديد المرتزقة على القارة الأفريقية حكومات وشعوب.
تقرير: رانيا الأمين
(smc)