لم تتردد المهندسة المدنية نسرين صالح، لحظة في مشاركة هوايتها في الحرف اليدوية وتصميم المفروشات المنزلية والإكسسوارات والعطور، وإعادة تدويرها، مع الراغبات في تعلم هذه الحِرف من نساء السودان، من الطالبات والأرامل والمطلقات، والأجمل أنها حولت هذه الهواية إلى مناهج أكاديمية متكاملة، تستفيد منها النسوة، من خلال انضمامهن إلى «أكاديمية نسرين كرافت لتنمية القيم والمهارات»، التي أسستها عام 2005، بهدف تدريب النساء وتمكينهنّ من تعلم حرفة يدوية تساعدهنّ على إنشاء مشروعاتهن الخاصة، ومن ثم تحقيق الاستقلالية، معنوياً ومالياً.
ويعمل مع نسرين حالياً طاقم عمل من خريجات الأكاديمية، اللاتي أصبحن مدربات فيها. وتمتلك الأكاديمية 12 منهجاً تدريبياً صممتها نسرين في مختلف المجالات (صناعة العطور، الديكور، الرسم على الزجاج، تصميم الإكسسوارات). وقد تعاونت مع جامعة السودان المفتوحة لتصميم مناهج أفضل، وتدريب المدربات وتأهيلهن لعملهن، وفق معايير علمية معتمدة.
وعلى الرغم من معارضة عائلة نسرين عملها الحالي، إذ يعتبرون أن النجاح يكمن فقط في التخصص الجامعي، وممارسة مهنتها كمهندسة مدنية، إلا أن ذلك لم يمنعها من مواصلة حلمها، ومساعدة النساء على تحقيق ذواتهن، من خلال التعلم، ودعم أسرهن.
ولا ترى نسرين أن المشروعات ذات الأهداف الكبرى، تحتاج إلى تمويل ضخم. السر هو في البداية، وفي اتخاذ خطوات متدرجة، فحلمها بدأ من خلال استخدام الأدوات المنزلية الخاصة بها، وتحويل إحدى الغرف الصغيرة في بيتها المتواضع إلى مركز لتدريب السيدات.
حتى اليوم دربت الأكاديمية 4500 امرأة، وتطمح نسرين مستقبلاً إلى أن تتحول الأكاديمية إلى جامعة مستقلّة، وذلك لإيمانها بأن ما تقدمه يجمع بين العلم والمهنة، ويزرع الأمل لدى عدد كبير من السيدات السودانيات. كما تأمل زيادة المقاعد لتعليم الأرامل والمطلقات، وتجهيز أكاديمية متنقلة تصل للأماكن الفقيرة جداً في السودان، لتعليم النساء مناهج تدريبية حرفية تمكنهنّ من محاربة الفقر وإدارة واقعهن الأسري والاجتماعي بصورة أفضل.
وتتقاضى الأكاديمية مبالغ رمزية لقاء تعليم النساء، كما تتلقى دعماً مالياً محدوداً من بعض المستفيدات، لكن المال ليس هو سبب استمرار الأكاديمية ونجاحها، بل الدعم المعنوي الهائل للنساء، من مختلف الشرائح العلمية والمجتمعية، اللاتي وجدن في مشروع نسرين فرصة لتعزيز الآمال بواقع أفضل للمرأة في مجتمعها.
دبي. الشارقة ـــ الإمارات اليوم