أم دفسوا
مساء يوم أمس كنت في وداع أحد الأصدقاء بمطار الخرطوم، كالعادة وفي كل المرات التي أوجدُّ فيها بمطار الخرطوم أشعر دوما أنني في بلاد العجائب.
فبينما كنا نقف في منطقة الوداع أسفل تلك المظلات البائسة، التي تمنحك الإحساس بأنك في موقف شروني، إذا بإحدى السيارات تتقدم حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من بوابة صالة المغادرة، ترجل من السيارة عدد من الشباب.. وسط صافرات واحتجاج شديد من قبل رجل المرور الموجود قريبا من موقع الحدث.
لم تمضي دقائق معدودة حتى وصلت إلى نفس النقطة سيارة هايس لنقل عدد كبير من النسوة.. في كل الموقفين كان رجل المرور يحتج بشدة، ويحتدم النقاش، وتعلو الأصوات، وتكثر التبريرات.
أصدقكم القول.. للحظة أحسست أن سائق الهايس سيدخل بركابه دفعة واحدة داخل صالة المغادرة.. وإن حدث ذلك فلا أستبعد.. ألم يحدث من قبل أن دخلت مياه الأمطار إلى داخل صالة المغادرة.. ما في زول أحسن من زول، موية.. هايس.. كله يدخل.
مطار الخرطوم بوابة الوطن.. لا يعدو أن يكون موقفا للسيارت.. وهو أشبه ما يكون بكرين العربات في بحري.. فقط هذا كل ما في الأمر.. لا يوجد شيء البتة يدلّ على أن هذا مطار، ومطار دولي كمان.
كنت وفي كل المرات التي أنظر إلى الشنط وهي تلف وتدور في سير العفش أضحك على الشركات المعلنة على تلك السيور.. إعلان شنو هنا.
تحديدا وفي منطقة سير العفش يكون الجميع في حالة سخط كبير، وينعكس ذلك السخط على كل شيء حولهم؛ فلا تقع العين على لوقو، أو شعار لمؤسسة إلا نالها جزء من ذلك السخط، والسبب دائما تأخر العفش، وبدائية السير نفسه.
حقا لو كنت مكان تلك الشركات المعلنة لسحبت إعلاني فورا من على ألواح الزنك تلك.. فالإعلان هو توصيل رسالة إعلانية لتحقيق قيمة إيجابية، وانطباع ذهني جيد عند المتلقى.. كيف أتلقى مفهوما إيجابيا وشنطتي مشروطة أو منهوبة أو على أحسن الفروض لم أستلمها.
سير العفش- نفسه- بائس ومتسخ وبدائي.. ولا يحمل أية قيمة جمالية، أو مضمونا إيجابيا لوضع رسالة إعلانية عليه.
أما عربات نقل العفش فهذه قصة- وحدها- العربة التي بها عجل ليس بها قفص من أعلى، ولا قاعدة لوضع الحقائب، والتي بها قاعدة من أسفل (رجلها مكسورة)، والتي بها قاعدة ولساتك سليمة تجدها ممتلئة بالنتوءات الحديدية؛ فتعلق ملابسك بها، وتمزقها شر تمزيق.
خارج السور:
سؤال:
أوجد الشبه بين كل من:
مطار الخرطوم الدولي.. الميناء البري.. سوق شعبي أم درمان.. سوق أم دفسو.
سهير الرحيم
التيار