القيادي بحزب المؤتمر الوطني محمد محي الدين الجميعابي:
آن أوان أن ترجع الحرية للشعب السوداني
المنظومة الخالفة قارب نجاة لكل الواجهات الإسلامية
تولى بكري رئاسة الوزراء مرحلة جديدة تضعف كثير من المؤسسات التي استغلت وتجاوزت وفسدت وانحرفت
أنا مع العدالة الانتقالية .. ولست ساخطاً ولا باحثاً عن وظيفة
الوطني فشل في الإصلاح لأنه لم يكن مهيأً له
أقول آرائي داخل اجتماعات الحزب.. ولم يتم فصلي
إن وجدت واجهة سياسية تجذبني فلن أتردد في الانضمام إليها
طه ونافع أكلوا خريفهم .. ومن أتى بعدهم كان أقل منهم
اعتبر القيادي بالمؤتمر الوطني محمد محي الدين الجميعابي، أن الحركة الإسلامية ليس لديها مستقبل في السودان، بما فيها حزبا المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، ووصف الأخير بأنه شاخ وضعفت أطروحاته، في وقت كشف عن موافقة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، على المنظومة الخالفة.
وأرجع الجميعابي فقدان الحركة للمستقبل لجهة أنها جُرِّبت وصاحب تجربتها كثير من الفشل، بالإضافة الى تغييبها للحرية وإضعاف المؤسسات واحتكارها للسلطة والمال.
وقال الجميعابي في حوار مع (الجريدة) ينشر لاحقاً إن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والشعبي والواجهات الإسلامية ليس لها أي مستقبل في السودان لأنها لم تستطع تصحيح أخطائها المتراكمة، ولفت الى أن تجربة الإسلاميين في الحكم أثبتت أنهم لم يعودوا يستجيبون الى حركة النقد والتقييم فأصبحوا يكررون الأخطاء ولا يستفيدون منها.
واعتبرالجميعابي أن المنظومة الخالفة تمثل قارب نجاة للشعبي والوطني وبقية الواجهات الإسلامية، حتى تقدم أفضل ما لديها من كوادر، وأقر بأن الأمين العام السابق للمؤتمر الشعبي الراحل د. حسن الترابي كان يبحث عن مخرج للإسلاميين وللبلاد.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان الترابي قد طرح المنظومة الخالفة للتكفير عن أخطائه وضمان مستقبل للإسلاميين، ذكر الجميعابي أن الترابي قصد بالمنظومة التجديد ومعالجة أخطاء الحركة الإسلامية في فترة الإنقاذ، ورأى الجميعابي أن النظام فقد المقدرة على التغيير، وخيره بين أن يجدد نفسه بأطروحته الجديدة وأن يقنع الناس بها، أو يقبل بالمنظومة الخالفة، أو يترجل عن السلطة.
واستبعد الجميعابي أن تواجه المنظومة بالرفض بسبب أخطاء الإسلاميين وعدم مقبوليتهم لدى المجتمع والأحزاب السياسية، واستند على ذلك بأن الحركة لها كثير من القواعد، وتابع: (إذا آمنت بنجاحها ربما ضمناً مستقبلاً، لكن للواجهات الإسلامية الحق الكامل لطرح نفسها بالطريقة التي تريد)، واستدرك قائلاً: (ولكن واجهات الوطني ارتبطت بالمصالح والنفوذ، ولا تجد تياراً فكرياً وكثير من الناس يئسوا مما نراه الآن، لكن ربما تخبئ لنا الأيام القادمة نجاحاً ومستقبلاً للواجهات الإسلامية والسودان).
ورداً على سؤال حول ما إذا كان رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني، يسعى للتخلص من الحزب عن طريق حله، قال الجميعابي: (ليس بهذا المعنى، ولكن الرئيس ينظر الى مستقبل الحياة السياسية السودانية حسب ما سمعت من الترابي).
*ألا ترى أن إبعاد القيادات التاريخية من دفة قيادة المؤتمر الوطني وعلى رأسهم د. نافع علي نافع، وعلي عثمان محمد طه قد أضعف الحزب؟
ـ نظرتي ليست كذلك، في تقديري هم أناس (أكلوا خريفهم) كما يقال بالدارجية السودانية، وكان التغيير لزاماً، لكن بكل أسف الذين جاءوا بعد نافع وطه وتولوا دفة القيادة يتقاصرون كثيراً إذا تمت مقارنتهم بالقيادة السابقة، ولكن تبقى الحقيقة أننا بعد هذه السنين الطويلة لتجربة الإنقاذ لا نجد أحزاباً ناضجة ذات قواعد جماهيرية، وتحول المؤتمر الوطني إلى حزب يمثل السلطة مستفيداً من كل أدواتها في برامجه، وأحزاب أخرى تقتات من فتات ومائدة الوطني، وأحزاب وواجهات أخرى أقرب إلى روح المعارضة، بقيادة المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن وآخرين، لكن تلك الأحزاب لا حول ولا قوة لها، ولا تستطيع أن تقدم عملاً ذا أثر كبير، طالما أن أدوات السلطة بيد الوطني ومؤسساته، تعطي هذا وتمنع هذا.. ويصرح بهذا ويعتقل هذا، وبالتالي خلاصة الأمر إن غياب قيم الحرية وسطوة المؤسسات ذات الطابع الأمني التي يسيرها الوطني بمصالحه، أضعفت قناعات الناس في التغيير، ورغم هذا نعول على إنفاذ مخرجات الحوار الوطني، التي ربما أمنت قدراً من الحريات والتغيير والتشكيل، الذي ربما أحدث اختراقاً وتحولاً إيجابياً في المستقبل.
*ألا ترى أن هنالك مقاومة من قيادات الوطني قد تعرقل تنفيذ مخرجات الحوار؟
ـ في تقديري إن الأمر يحسمه دفع رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لإنفاذ مخرجات الحوار الوطني.
* وماذا عن الاعتراضات التي قدمها جهاز الأمن ورفضه لتقليص صلاحياته ؟
ـ لا مجال لحديث المؤسسات الخاصة مع ما أكد رئيس الجمهورية التزامه به.
*كيف ترى مستقبل الإسلاميين في السودان ؟
ـ إن الحركة الإسلامية ليس لديها مستقبل في السودان، بما فيها حزبا المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني..الحركة ليس لديها مستقبل .
*لماذا ؟
ـ لأنها جربت وصاحب تجربتها كثير من الفشل، بالإضافة إلى تغييبها للحرية وإضعافها للمؤسسات واحتكارها للسلطة والمال، ولم تستطع الحركة تصحيح أخطائها المتراكمة، ولأن تجربة الإسلاميين في الحكم أثبتت أنهم لم يعودوا يستجيبون إلى حركة النقد والتقييم، فأصبحوا يكررون الأخطاء ولا يستفيدوا منها.
*هناك من يرى أن أطروحة المنظومة الخالفة التي دفع بها الأمين السابق للمؤتمر الشعبي الراحل د. حسن الترابي لإنقاذ الإسلاميين وضمان مستقبل لهم ؟
ـ كما ذكرت أن الإسلاميين ليس لديهم مستقبل في السودان، لذلك أرى أن أطروحة المنظومة الخالفة هي قارب نجاة وطوق أمان لكل هذه الواجهات، لكي يقدموا أفضل ما لديهم من قيادات، تتحالف معها كثير من القيادات الحزبية والقومية لأطروحات المنظومة الجديدة .
*إذاً أنت تقر بأن الترابي أراد إنقاذ الإسلاميين ؟
ـ الترابي كان يبحث عن مخرج للواجهات الإسلامية وللبلاد عامة، والترابي يتجدد فكره ويقوم بتقويم مستمر لتجربته ولتجربة الحركة الإسلامية، وكل الحقب التي مر بها السودان سيما فترة حكم الإنقاذ، لا ننسى أنه عرابها وهو قائد التغيير في سنة 1989م، وصاحب القرار الحقيقي في التغيير الذي تم، ورغم هذا كله عاد واعتذر للشعب السوداني عن نتائج هذا التغيير، وأنا زاملت الترابي وقطعاً هو شيخي وقائدي طيلة هذه السنوات، وكان يراهن على الحرية ويقاوم بشدة الاستمرار في الحكم منذ وقت مبكر، والآن آن الأوان أن ترجع الحرية للشعب السوداني، ويُمكن له في الحريات والحق في التكوين والتغيير وكانوا يلتفون حول التغيير بصورة سرية وغير معلنة، ويواصلون السيطرة المطلقة على الحكم وإبعاد الآخرين وإضعافهم، الترابي شخصية قل أن تتكرر فهو رجل حباه الله سبحانه وتعالى بفكر ثاقب وقدرة تحمل قل أن تشاهدها، ولم يكن دموياً ولم يكن تصوفياً وهذا ما أشهد به . أما بالنسبة لمسألة إنقاذ الإسلاميين فالترابي ذكر أنه رجل متجدد وهو تحدث عن أخطاء الحركة في الاستيلاء على السلطة 1989م، والحديث الذي ورد منه ربما أدى إلى هذا الفهم، وهذا يقود لأن يكون إيجابياً تجاه أطروحات المنظومة، وهي محاولة للتجديد ومعالجة أخطاء الحركة في فترة الإنقاذ، بالإضافة إلى معالجة مشكلات البلاد.
*ما الجديد في تولي الفريق أول بكري حسن صالح منصب رئيس مجلس الوزراء وهو قيادي بالمكتب القيادي للوطني والحركة الإسلامية؟
ـ الجديد في تقديرنا وصول شخصية كبكري لأنه يمثل ردماً ومرحلة جديدة تضعف كثيراً من المؤسسات، التي استغلت وتجاوزت وفسدت وانحرفت في المرحلة السابقة، وبالتالي أتوقع بروز مؤسسات وقيادات تحت قيادة رئيس مجلس الوزراء، تتميز بالنزاهة ونظافة اليد. وأتوقع أن تكون الفترة القادمة فترة إنفاذ مخرجات الحوار الوطني والعمل المؤسسي، وبالتالي يمكن أن تكون أطروحة جديدة تحمل كثيرأً من المشاعر الإيجابية في التغيير القادم، تضعف فيها استغلال أدوات السلطة والخروج عن القانون.
*عطفاً على ما ذكرت أن الإسلاميين ليس لديهم مستقبل في السودان فكيف تتوقع أن يقبل السودانيون والأحزاب الانضمام للمنظومة الخالفة؟
ـ المنظومة كما ذكرت هي محاولة للتجديد وللتغيير ولجمع أهل السودان، والإسلاميين في تاريخهم نهضوا وقادوا كثيراً من التجارب، كما حدث في تحالف الدستور الإسلامي وجبهة الميثاق والجبهة الإسلامية والوطني، وها هو الترابي ورئيس الجمهورية يطرحان مبادرة جديدة، تقرب بين الوطني والآخرين عبر إشراكهم في قيادة الدولة. والحركة لها الكثير من القواعد إذا أمنت بنجاحها مستقبلاً، وللواجهات الإسلامية الحق الكامل في طرح نفسها بما تريد، ولكن إذا نظرنا لكثير من واجهات المؤتمر الوطني والإسلاميين في الجامعات والمعاهد العليا، فإننا نرى ضعفاً عجبا ًوهي عبارة عن واجهات ارتبطت بالمصالح والنفوذ، ولا تكاد تجد تياراً فكرياً كما كان قبل 40 عاماً، كثير من الناس يئسوا مما نراه الآن، لكن ربما تخبئ لنا الأيام القادمة نجاحاً ومستقبلاً للواجهات الإسلامية والسودان.
*وماذا عن الجرائم التي ارتكبتها الإنقاذ في حق الشعب السوداني وهل أنت مع مبدأ العدالة الانتقالية ؟
ـ نعم أنا مع تحقيق العدالة الانتقالية وفتح الملفات وأي إنسان تضرر من الإنقاذ يقتص له من كل المؤسسات التي ظلمته.
*ولكن هناك نافذين سيقفون ضد ذلك ؟
ـ إن كنا نؤمن بالله ورسوله فالذين أفسدوا يجب أن يحاسبوا، والذين استغلوا السلطة يجب أن يحاسبوا، أي شخص ُظلم ترد له مظلمته، يجب علينا أن نقبل أن يأخذ من ظلمناهم كامل حقوقهم، ولنا أن ندافع عن أنفسنا، أو المؤسسات، وأي شخص سوي لا يقبل بأن لا يحاسب وترد المظالم إلى أهلها، وإذا التزمت الدولة بمخرجات الحوار يمكن إصلاح معظم مشاكل السودان ومعالجة الظلم.
*هناك من يرى أن الوطني أراد الالتفاف على التغيير بطرحه للحوار ؟
ـ من حقهم أن يقولوا ذلك، ونتفق أن هناك اخفاقا يتمثل في تراجع قضايا الحريات والتمثيل والمشاركة واستغلال النفوذ وأكل المال العام واستغلاله، لكن نقول إن كل هذه القضايا ستتم معالجتها إذا تم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبسط الحريات، ويمكن أن نتحاسب وفق تلك المخرجات.
*الوطني طرح وثيقة الإصلاح السياسي قبل ثلاث سنوات وفشل في تطبيقها لماذا؟
ـ فشل الوطني في الإصلاح لأنه لم يكن مهيأً له، وحكومتنا شاخت وأي إنسان يشيخ يقل إنتاجه، والإنقاذ شاخت وكبرت إما أن تقتلع ويأتي نبت جديد.. كالمنظومة الخالفة.. وإما أن تغادر، وإذا استمرت هذه الأطروحات وهؤلاء الأفراد بنفس المعاني ونفس الشخوص، فهذا لن يجدي والحكومة كما ذكرت شاخت وكبرت وضعفت قواها الإنتاجية والثقافية والفكرية وما إلى ذلك.
*هناك اتهام موجه لك بأنك غاضب عن الحزب بسبب إبعادك عن المناصب التنفيذية وهل لديك اتجاه للانسلاخ عن الوطني؟
ـ لم أتخل أو أنسلخ عن الوطني، وبكل أسف أنا موجود في هذا الحزب الذي شاخ وضعفت أطروحاته، أما بالنسبة للجزء الآخر من السؤال فعن ماذا أسخط ” لو كنت عايز سلطة فأستطيع أن أغير جلدي وصوتي داخل الوطني، وأنا ما فاقد وظيفة”، وأنا أقول آرائي داخل اجتماعات الحزب ولم يتم فصلي، وإذا كانت هنالك واجهة سياسية يمكن أن تجذبني لما ترددت في الانتماء إليها.
* وإن رفضت الحكومة النظام الخالف الذي تراهنون عليه؟
ـ إن النظام فقد المقدرة على التغيير، إما أن يجدد نفسه بأطروحته الجديدة وأن يقنع الناس بها، أو يقبل بالمنظومة الخالفة، أو يترجل عن السلطة.
*هناك من يرى أن الرئيس يريد التخلص من الوطني لذلك سيقبل المنظومة الخالفة بدلاً عن حله؟
ـ ليس بهذا المعنى، ولكن الرئيس ينظر إلى مستقبل الحياة السياسية السودانية حسب ما سمعت من الترابي.
حوار: سعاد الخضر
صحيفة الجريدة