لعلكم لقد شاهدتم هذه الأيام تلال القمح بالولاية الشمالية وذلك الإنتاج الغزير والذى حصده المستثمر ورجل الأعمال السعودى سلمان الراجحي فى موسم حصاد ناجح ومتميز بلغ متوسط إنتاج الفدان الواحد ثلاثين جوالا من القمح الطازج الخالى من العيوب الصحية والبريىء من مياه الصرف الصحى . والشارب من مياه النيل وكت تتدفق على الخيران والمتكىء على حضارة وصدق ونزاهة وأمانة أهل السودان .
هذا أول الدروس لنا كسودانيين منخملين فى السمسرة وتجارة الأراضى وماسكين قروشنا كاصول جامدة ، وحكومتنا تستورد القمح بملايين الدولارات سنويا ، متوجسين وخايفين من الفشل وانقطاع رأس المال ، ونعاين من بعيد ومنتظرين الفرج يأتى فقط من أمريكا ونحلم أحلام زلوط على مشر الحبل …
إلى متى نحن مشغولين ومهووسين بتجارة العربات والاراضى والسمسرة والدولار ، وإلى متى نستثمر فى الكراسى والمقاعد والمناصب .. وعندنا أرض رملية وطينية وسهلية خصبة ومياه انهار نجرى فوق الأرض واحواض جوفية تحت الأرض وامطار وفيرة ومناخات متعددة ، والعالم كله يسخر منا وينعتنا بالكسل والتراخى والخمول ، ماهي حجتنا اليوم وهذا الرجل يأتى من الخليج ويزرع وينتج ويحصد ، ونحن نتفرج ؟
بقدر ما سعدت بقدر ما حزنت ، لأن هذه التجربة أثبتت محاور كثيرة أولها : جهلنا بقيمة ما عندنا من ثروات طبيعية سهلة وكشفت عن تقصيرنا فى ادارة هذه الثروات بل واهمالنا الكبير لأهم عنصر من عناصر الإقتصاد السودانى ، وإلى متى نهدر الوقت فى الزراعة التقليدية والتى أصبحت عالة حتى على إقتصاد البلاد ؟ ونحن نملك أقدم واعرق المشاريع الزراعية فى العالم ، العالم كله يتطور ويتقدم باحلال الطرق الحديثة ونحن لا زلنا نزرع بالسلوكة والطورية والكوريق .
وأهم رسالة وصلت إلينا من الراجحي تكمن فى سؤال مرير وعريض أين وزارة زراعتكم أيها السودانيون بل وأين حكومتكم وأين رجال أعمالكم وأين أموالكم ؟ أنتم تجلسون على كنوز ارضكم البكر وشبابكم يقف فى صفوف طوابير الهجرة الى دول ما بها غير الصحراء والحجر .. بينما طوابير الهجرة تقف طويلا للوصول إلى ارضكم ونيلكم ؟
لا بد أن هنالك خللا قد حصل حتى زهدنا فى وطننا وخيراتنا ، ولا بد لنا من إصلاح هذا الخلل أولا لتفجير طاقات الوطن ، اصحوا يا أبناء الوطن ، أصحى يا حكومة الوطن ، اصحى يا وزير زراعة الوطن .. أصحى يا بريش . مع الاعتزار لبريش وارجوا أن لا يزعل منى كما زعل ذلك اليوم من المعلق الرياضى . ودمتم بخير .
أحمد بطران