كنا في الرياض بالمملكة السعودية قبل زهاء ربع القرن من الزمان، كان الجميع يتجهون يوم الجمعة إلى أحد المساجد البعيدة للصلاة خلف شيخ (نسيت اسمه … زهايمر)، هذا الشيخ كان له صوت عذب خفيض يتخلل مسام القلب، فينصت له المصلون في خشية وورع وهو يحدثهم عن معاني الإسلام العميقة وعن هذا الدين الذي يدعو إلى التسامح والتوادد والتراحم، كان يدعوهم إلى محاسبة النفس ومراجعتها، وأن يعودوا إلى ربهم من قبل أن تأتي الساعة، وكان الكثير من المصلين ينخرطون في بكاء طويل مسارعين جميعا إلى التوبة إلى الله تعالى، كان لأسلوب ذلك الشيخ واختياره لمواضيع خطبه إضافة إلى صوته الذي يغزو النفوس فعل السحر في المصلين الذين كانوا يأتون لسماع خطبه والصلاة خلفه من شتى بقاع العاصمة!
مناسبة هذه المقدمة هو ما لاحظته من خطبائنا الذين تمتلئ خطبهم بالصراخ والزعيق، وتتسم جميع خطبهم بعذاب القبر وما يليه من عذاب، وما ينتظر الكافرين والعصاة الفاسقين من المسلمين من أصناف ذلك قبل الحشر والحساب.. تشتعل عيونهم باللهب ويتطاير منها الشرر، ويزأرون كما الأسود الهائجة لا يتركون مارداً ولا عقرباً ولا أفعى رقطاء ولا ثعباناً أسوداً يبلغ حجمه حجم الجبال الرواسي إلا حشروه مع ابن آدم المسكين في قبره الصغير.
معظم خطباء مساجدنا أصواتهم عالية صارخة تهتز لها جنبات المساجد من أدناها إلى أقصاها، استمعت إلى أحدهم مؤخراً وهو يصيح متوعداً بصوت هادر وهو يرغي ويزبد صائحاً: أيها العاصي لربك يا تارك الصلاة والصيام، إن في القبر أفعى طولها ما بين السماء والأرض وأنيابها كالجبال تلدغك بأنيابها حتى تحفر دماغك ثم ترفعك فتصير في أعلى السماء ثم تضربك حتى تخسف بك الأرض فتغدو في أسفل سافلين، ثم تعصرك بين أنيابها عصراً فتأكل منك كل عظم، ثم تتركك فتعود كهيئتك الأولى فتعاود لدغك وضربك وعصرك حتى لا تغدو شيئاً مذكوراً….
ثم واصل قائلاً: ثم تغل يديك وعنقك، والنار تضطرم من تحتك من فوقك حتى إذا عطشت فإن شرابك من حميم يصهر به ما في بطنك وجلدك، وحتى إذا جعت كان كلك من شجر الزقوم كالمهل يغلي في بطك كغلي الحميم!
نعم.. صورة مرعبة مخيفة اصطكت لها فرائصي وارتعشت من هولها عظامي، وكان المصلون مثلي تماماً على وجوههم علامات الخوف والرعب، انتهت الصلاة فعدت إلى المنزل واجماً خائفاً حزيناً، (كيف لا ولي من السيئات ما لي)، غير أني قد هبط على قلبي نور ويقين وسلام غير متناهٍ حين تذكرت قول الله عز وجل في الحديث القدسي: “يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً”.
بالله عليكم تأملوا كلام الله وحديث ذلك الشيخ المرعب؟!
نعم أعزائي القراء.. الله رحمن رحيم، الله غفور حليم.. الله نور وسلام، إن الله أرحم بالبشر من الأم على أولادها فلا ترعبونا أيها الخطباء ولنا ما لنا من شرور أنفسنا وزلاتها وهناتها أليس الله جل وعلا هو القائل في كتابه الكريم: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم”.
كسرة :
يعني ممكن شوية (رعب) بس مش طوااااالي !
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟84 واو – (ليها سبع سنوات) ؟
• كسرة ثابتة (جديدة):أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 43 واو (ليها ثلاث سنوات وسبعة شهو
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة