قبل أسابيع حضرت تخريج ابن خالي عمرو من الجامعة.. ومنذ سنوات وقد فارقت هذا النوع من الاحتفالات، ورغم طول الفترة، لكن لم يلفتني شيء سوى الأغاني المستخدمة.
أغاني حفلة التخريج لم تخطر ببالي حينما سألني بعض الزملاء الأفارقة قبل أشهر عن أكثر الأغاني التي يتغنى بها السودانيون إن كانت عن كانت عن الحب أو الشوق أو الفراق أو حتى الموت..
لم تكن لي إجابة محددة، لكني قلَّبت الهاتف عسى أن أصل لنتيجة..
قلت لهم إن المسألة أذواق، ولكن كثيرة هي الأغاني الوطنية والحماسية وتلك التي تتحدث عن شجاعة وكرم أهل السودان..
وأخرى تقديراً ومحبة للأم والأب والأخ والأخت..
أغاني تحمل ذكريات بعضها جميل “الذكريات صادقة وجميلة .. مهما تجافينا بنقول حليلا” وأخرى مؤلمة “مرت سنة، لا قلبك القاسي سأل يوم عن عيوني وطمّنا”..
والشوق للحبيب إن كان قريباً أو حتى سافر بعيداً “يا مسافر وناسي هواك، يرعاك الإله يا ملاك”..
والحب بأنواعه، الغزل، الهيام و”الجرسة” والعذاب، والحب الذي يؤكد على العهد الوفاء.. وهنا الأغاني تكثر وتطول..
أغاني الحزن والكآبة والفراق بإحسان “ما خلاص ريد وانتهى طول عمري ما بندم عليه”.
وأخرى كثيرة عن الفراق بندم وألم وحسرة: “غلطة كانت غرامي ليك وا خسارة دموعي فيك”..
تطورت الأغاني والمعاني كثيراً على مدى عقود وسنوات، إلى أن أدخل طه سليمان أغاني جديدة تتحدث عن التهديد والوعيد: “لو ما بكّيتك سنة وخليتك باقي العمر، تتشهى فوق الهنا، أنا ما بكون أنا”.
ومن التهديد إلى أغنية كانت ترددها الفنانة رندا مصباح، حيث شاهدتها قبل فترة وهي تتحدث في قناة النيل الأزرق باكية عن سبب تأثرها بأغنيتها “سبتني اتعلقت بيك شاحده الله ما يتمو ليك”، وذلك لأنها عاشت الكلمات حقيقة على أرض الواقع.. المدهش أن رندا بررت دعائها على الحبيب في ذات الأغنية: “أعذروني أنا ما ملاك.. استغفر الله كل زول فيهو شرور”..!
إلى حد الدعاء على الحبيب قبلنا وتفهمنا، وهو ما يعكس التنوع في الأغاني السودانية وأذواقها صعوداً وهبوطاً.. لكن ما لا يقبله عقل أو منطق التغني لمعاني الطمع والاحتيال!
في تخريج ابن خالي، كان أحد الخريجين يرقص وهو يتجه إلى مصافحة أبيه بأغنية وسط دهشة الحضور، “أكتب لي عرباتك، اكتب لي شركاتك، عماراتك، وريالاتك”!
أخشى بعد سنوات قادمات، أن يتغنى قلة من الفنانين لمعاني الكذب والخيانة وإخلاف الوعود، ويحاولون تبريرها كما فعلت رندا مصباح، كل زول فيهو شرور!
لينا يعقوب
السوداني