أمس أجزاء واسعة من العاصمة شهدت قطوعات في قلب الخرطوم والأحياء السكنية، تصريحات المسؤلين في الكهرباء وإسرافها في التذكير بالتحوطات لإمداد دائم لا تنتهي.
ولأن الكهرباء لا تتبع سياسة شفافة مع المواطن أو الدولة، فلن تفارقها لعنة (مكاوي)، و ستظل ترزح تحت نيران ظلمها للمواطن،
وبالرغم من أن تعريفة الكهرباء التي تم تصديقها من مجلس الوزراء الموقر مؤخراً تفتقر لأهم أسس ومعايير إعداد تعريفة الكهرباء أو اي سلعة أخرى وهي التكلفة الحقيقية فقد أطلق هذا التصديق من مجلس الوزراء يد القائمين على أمر الكهرباء لوضع أرقام لا يعرف كيف تم إعدادها وهل هي مبررة أم لا. وإمعاناً في الإنفرادية في اتخاذ القرار والعمل وفق أرقام غير مبررة فقد قامت الجهة التي تقود قطاع الكهرباء بتجاهل قرار مجلس الوزراء حتى في الشرائح التي تم التصديق عليها في قرار مجلس الوزراء رقم 396 لسنة 2016م. واستخدمت شرائح أخرى لم ينص عليها القرار.
في فبراير الماضي فقط قد تم استجلاب كهرباء من الجارة أثيوبيا بما قيمتة 2.6 مليون دولار واذا قلنا إن قيادة الكهرباء تبيع بالتكلفة الحقيقية المزعومة فإن قيمة الكهرباء المتحصل عليها تساوى 45 مليار جنيه. فهل قيادة الكهرباء تقوم فعلاً بتحصيل عائدات هذه الكهرباء والسداد لأثيوبيا أم أن هنالك جهة أخرى تتولى السداد نيابة عنها وبذلك تكون قد تحصلت على كهرباء بالمجان؟ هذا يقودنا لتعريفة الكهرباء مجدداً فمثلاً عند حساب تعريفة كهرباء مروي أشارت كل الدراسات بما فيها المستشار الأجنبي للمشروع أن تعريفة كهرباء مروي 3.2 سنت دولار لكل كيلواط/ساعة لتغطي سداد القروض وفوائدها وتكلفة التشغيل وقد جاء ذلك أيضاً ونصاً صريحاً في المخاطبات بين وزير الطاقة والتعدين الأسبق ووزير المالية الأسبق فهل تقوم قيادة الكهرباء بسداد القروض وفوائدها حسب ما تم اعتماده في التعريفة أم أن جهة أخرى تسدد نيابة عنها وبذلك تكون هنالك فوائد ضخمة تتحصل عليها قيادة الكهرباء وهل صحيح أن قيادة الكهرباء قد وعدت بتمويل كل مشاريع السدود من عائد كهرباء مروي وقد أفلحت قيادة الكهرباء في ذلك الوقت أن تتحصل على قرار ببيع كهرباء مروي بأعلى من 3.2 سنت دولار، (ما يقارب 9 سنت دولار في ذلك الوقت) للإيفاء بتمويل السدود الجديدة دون الحوجة الى قروض.
وهذا ما أكده الوزير معتز موسى حيث ذكر أن مروي قد أنتجت كهرباء ما قيمتها 3 مليار دولار وهي كافية فعلاً لتشييد عدد من السدود.. فهل يتم تمويل السدود ذاتياً أم أن الواقع يكذب ذلك.
مؤخراً صدر قرار في الإتجاه الصحيح بدمج شركة كهرباء مروي مع شركة التوليد المائي ثم انشاء الشركة القابضة للإشراف على إدارة وترقية وتنمية قطاع الكهرباء ولكن قد تم إفراغ مضمون القرار وذلك باستيعاب قيادات بالشركة القابضة لا علاقة لهم بقطاع الكهرباء من قريب أو بعيد فقد تم استيعاب من كان معتمد سابق أو وزير ولائي سابق أو من عمل في الخدمة الوطنية ودعم الطلاب ويمكن مراجعة قرار تعيين مدراء الإدارات العامة بالشركة القابضة فهل هذا يدل على مفهوم الهيمنة على الموارد المالية فقط دون الالتفات لترقية وتطوير القطاع، هذا النهج جعل من يقومون على أمر الكهرباء يتركون الخطط بل ويوقفون المشاريع المخططة والمدروسة والتي كانت تحت التنفيذ ويلجأون الى إجراءات إسعافية ولا نقول حلول كان القطاع في غنى عنها. لأنه كان هنالك وقت كاف لتنفيد الخطط المدروسة والمجازة، الكهرباء تشتري الكيلواط من أثيوبيا بثلاثة سنت، وتبيعه بما يعادل تسعة سنتات، أحسبوها، في هذه المرحلة كم يبلغ إنتاج سدى أعالي عطبرة وستيت؟.
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة