عجبا لما يحث في الجزيرة الآن، فقد وصل حال بعض المسؤولين والمواطنين في الولاية بأن يحتفوا ويكرموا الوالي محمد طاهر إيلا كل بضعة أيام، وأصبحت الأخبار المصاحبة للتكريم تتحدث عن ظواهر جديدة مثل طبع اسم إيلا في الجاكيتات، وكتابة عبارات التعظيم على عدد من الحافلات، والمثير المدهش ابتكار حلاقة جديدة على رؤوس الشباب تُظهر اسم إيلا على الرأس!
وبحسب تقرير نشرته الزميلة التيار أمس (الثلاثاء)، فإن جماهير مدني خرجت لاستقبال إيلا بعد عودته من إجازته السنوية التي قضاها في القاهرة – (لاحظوا لإجازة دي) – وحشد المنظمون الجماهير لما سموه بمسيرة النصرة والتأييد بعد أن برزت بعض الأصوات في المجلس التشريعي تنتقد طريقته!
كنت ممن أشاد بإيلا حينما كان واليا على بورتسودان، وأبديت إعجابا بطريقة إدارته للولاية رغم تحفظات أبديناها على تركيز اهتمامه بالمركز وتهميشه لبعض المدن والقرى، وكنا نجد عذراً لهذا التهميش باعتبار “أن العافية درجات”، ولكن يبدو أن الحال يختلف كثيرا في الجزيرة التي باتت صباح مساء تحتفل بإيلا وتكرمه، وكأنها “مخلوعة” مما قدمه الرجل خلال سنتين!
إنسان الجزيرة الذي عاني كثيراً لتوفير لقمة العيش وتحمل عدم توفر الخدمات الأساسية في ولايته، ليس بكثيرٍ عليه أن يأتيه مثل إيلا أو من هو أفضل منه.
صحيح أن تكريمهم لوالٍ ليس من منطقتهم يعكس أصالة نفوسهم وتقديرهم للأشياء على بساطتها، لكن “لما الريد يفوت حد، أكيد حيتقلب ضدو”!
إيلا الذي نكن له كل التقدير والاحترام، بإمكانه أن يوقف هذا العبث من احتشادات حتى لا يصاب بـ”تضخيم الذات”، وحتى تعلو إنجازاته ومشاريعه فوق تكريمه واحتشادته.
لا يعقل أن لا يمر أسبوع واحد دون أن يصلنا خبر من الجزيرة يكشف عن نية جهة ما تكريم إيلا بحجة أنه أقام الخدمات وأغلق منافذ الفساد، وهو ما يعكس بصورة أو أخرى أن الفساد بات مستشرياً في ربوع البلاد وأن إيقاف المفسدين بإمكانه أن يحول السودان إلى جنة!
اليوم (الأربعاء) سيُكرم إيلا باستاد ود مدني كما قال رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الجزيرة بالمجلس الوطني عبد الله بابكر للأسباب المذكورة أعلاه، مضيفاً أنه سيُمنح “مجسماً” لمحلية مدني الكبرى، ومفتاح مطلي من الذهب!
“معقولة بس” مفتاح ذهبي وحلاقة على رؤوس الشباب باسمه.. ظواهر جديدة تصيب المهووسين بلاعبي كرة القدم.
نرجو أن يكون هذا التكريم هو آخر التكريمات، حتى يستمر إيلا في عمله، وحتى ينال إنسان الجزيرة أكثر من ذلك، وحتى تصل أصوات الهامش التي لم تنل حظاً بعد من اهتمام إيلا وحكومته!
بقلم
لينا يعقوب