أبدى وزير الإعلام، المتحدث باسم الحكومة، د. أحمد بلال عثمان غضباً من التعليقات المسيئة للسودان وحضارته الصادرة عن وسائل الإعلام المصرية.
ووصف بلال تمادي إعلاميين مصريين في الإساءة إلى السودان، بأنه إهانة للشعب السوداني بكل قيمه وموروثه، مؤكداً أن الخرطوم ستتعامل مع ما يثار بكل جدية وحسم، مفسحاً المجال للإعلام السوداني للرد على المهاترات المصرية، بقوله صراحة (أي زول عاوز يكتب يدافع عن السودان يكتب).
يذكر أن بلال برأ الإعلام المصري الرسمي من تولي كبر الإساءة للسودان، وألقى باللائمة على الإعلام الخاص بحسبانه يتحمل وزر تعكير صفو علاقات البلدين.
تبرُّم
شن الإعلام المصري هجوماً غير مسبوق على السودان، لا سيما في المحطات الفضائية التي أظهرت حالة من الانفلات في تناولها للحضارة السودانية على خلفية زيارة الشيخة موزا، والدة أمير قطر، لأهرامات البجراوية شمالي السودان. وأتى ذلك بالتزامن مع تعليقات وتغريدات على شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر مسيئة للسودان كهاشتاج (#السودان_ام_الدنيا) الذي وضعه مصريون للسخرية من الحضارة السودانية.
ويعتبر حديث وزير الإعلام السوداني الأول من نوعه، لا سيما أن سياسة الضبط الإعلامي ظلت ديدناً للخرطوم حيال الهجمات الإعلامية المصرية.
ولم يفصح بلال عن الأسباب الكامنة وراء هذا التغيير الطارئ في الموقف الرسمي السوداني من حملة التشهير ضد السودان في القنوات والصحف المصرية، بالرغم من إصرار القاهرة على أن ما يجري في القطاع الإعلامي الخاص لا يمثل توجهات الدولة كما لا يمكن تقييده في ظل الحريات الإعلامية على حد التبريرات المصرية.
تباين
تباينات الآراء حول تصريحات وزير الإعلام وإن كان التوقع السائد في أن تدخل علاقات (الخرطوم – القاهرة) في منعطف جديد ملمحه الرئيس، التصعيد.
ينوّه المفكر السياسي، د. النور حمد، إلى أن صورة السودان في الإعلام المصري، مسألة تحتاج إلى دراسة متعمِّقة دون التركيز على ما يُثار بين الفينة والأخرى باعتبار ذلك يؤدي إلى ابتسار القضية الرئيسة.
وشكا حمد في مداخلة مع برنامج (حال البلد) من الذهنية المصرية التي لا ترى في السودان إلا تابعاً، وقال إن الإعلام المصري يتعمد ذكر أسماء الرموز والمناطق السودانية بشكل خاطئ، كتكتيك نفسي للحط من قدر السودان.
بيد أن عميد الصحافة السودانية، الأستاذ محجوب محمد طرح تساؤلاً في حديثه مع (الصيحة) على النحو التالي: هل الإعلام السوداني يأخذ الإذن من الحكومة أو وزير الإعلام الناطق الرسمي للرد على الإعلام المصري.
قبل أن يصف حديث وزير الإعلام للصحافيين بغير المسؤول لأنه يعطي انطباعاً بأن الإعلام السوداني غير حر، ويتحرك بأمر من الحكومة، مضيفاً أنه ليس من المنطق أن تأتي الحكومة لتدير الإعلام وتأمره أن يقول كذا وتارة أخرى تأمره بالتوقف.
ويشير الأستاذ محجوب إلى أن الإعلام السوداني يرى أن القضايا التي يثيرها الإعلام المصري انصرافية ويمكن تجاوزها لمصلحة العلاقة بين البلدين، لكن الآن بعد أن زاد الأمر عن الحد يجب الرد عليه.
يعود عميد الصحفيين، ويقول إنه ليس من حق وزير الإعلام أن يُدخِل نفسه في هذا المنحى لأنه يمكن التعامل معها في إطار دولة مع نظيرتها، لكن الإعلام من واقع الحرية المتاحة له ـن يتناول القضايا وأن يراعي في ذلك حساسية العلاقة بين الدول والشعوب، وختم: من الأنسب أن يترك هذا الصراع على مستوى الإعلام وعلى الحكومات التدخل لمعالجته عبر الدبلوماسية.
علق الكاتب الصحافي عمار أحمد آدم على حديث وزير الإعلام بأنه يزيد من التراشق اللفظي والإعلامي بين الإخوة المصريين والسودانيين، ويصب مزيداً من الزيت على النار، وزاد في حديثه مع (الصيحة) أن حديث وزير الإعلام بالقطع غير مسؤول، وفيه استجابة للمؤامرة المتعمدة لتخريب علاقة البلدين واستدراجهما إلى معارك كلامية قد تتطور إلى معارك ميدانية، وكما قال الشاعر (إن الحرب أولها كلام)
وفي ذات السياق ذهب المحلل والسياسي والكاتب الصحافي د. عبد اللطيف البوني إلى أن وزير الإعلام لم يكن موفقاً فيما ساقه من حديث بأن يرد الإعلام السوداني على اتهامات نظيره المصري، وقال لـ (الصيحة) إنه لا يرى ضرورة لتدخل وزير الإعلام في هذه المعارك الكلامية ليوجه الإعلام السوداني بالرد، خاصة ــ والكلام لا يزال للبوني ــ أن الصحافة في السودان مستقلة والحكومة لا تملك أي صحيفة ولها قناة فضائية رسمية واحدة.
صدى طيب
وجد حديث وزير الإعلام صدى طيباً في الأوساط الشعبية، وقال مدوّنون في مواقع التواصل الاجتماعي، إن الرد بالمثل وحده كفيل بإلقام الإعلام المصري المسيئ حجراً، مع إعادة تعريف العالم ببلادهم الحقيقية، وليس بلادهم طبقاً للذهنية المصرية.
الصيحة