من المؤكد أن تقنيات الاتصال لعبت دوراً محورياً في تطوير العديد من المجالات وفي تحويل العالم إلى قرية صغيرة. فمنذ أن ظهر الهاتف الذكي في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت شركات الاتصالات تسابق الزمن من أجل توفير تقنيات وخدمات جديدة من شأنها أن تلبي الحاجات المتزايدة للمستخدمين.
وكانت البداية مع الجيل الأول للاتصال الذي كان يقتصر على توفير تقنيات تتيح للمستخدم إجراء الاتصال الخلوي باستخدام الهاتف، ليأتي بعد ذلك الجيل الثاني، في بداية التسعينيات. بالإضافة إلى خاصية الاتصال الخلوي، قدمت شبكات الجيل الثاني إمكانية إرسال رسائل نصية عبر شبكات الهاتف النقال من خلال تحويل البيانات إلى إشارات رقمية.
وشكلت حقبة الانتقال إلى الجيل الثالث طفرة جديدة، حيث باستخدام تقنيات هذا الجيل أصبح بإمكان المستخدم إرسال واستقبال الوسائط المتعددة (صوت، صورة، نص)، بل وبسرعات أكبر بكثير مقارنة بالجيل الثاني. وفي ظل تنوع محتوى الشبكة العنكبوتية وتعدد الأجهزة المتصلة، أصبح من الضروري العمل على جيل جديد من الاتصال يواكب هذا التطور المتسارع، حيث قدم الجيل الرابع من الاتصالات حلولاً جديدة، من خلال توفير سرعة في نقل البيانات بمضاعف 8 مرات مقارنة بتقنيات الجيل الثالث، إذ يتميز الإصدار العاشر من الجيل الرابع بسرعة قد تصل إلى 1 جيغابايت في الثانية، من الناحية النظرية.
وبالتحول إلى الجيل الخامس والذي أصبح حديث الساعة، نجد أن شبكات الجيل الخامس تتميز بمجموعة من الخصائص التي من شأنها أن تساهم في تسريع عجلة التطور، حيث تعتمد تكنولوجيا الجيل الخامس على تقنية “المداخل والمخارج المتعددة” (MIMO)، من خلال استخدام هوائيات عديدة لنقل البيانات بسرعة تراوح بين 1 جيغابايت و20 جيغابايت في الثانية، حسب كل إصدار.
ولا تقتصر شبكة الجيل الخامس على توفير سرعة عالية في نقل البيانات فحسب، بل تتميز كذلك بعرض نطاق أكبر ودعم لخاصية اتصال العديد من الأجهزة على الشبكة نفسها، ما يمثل حلاً للتزايد المستمر لعدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن عدد الأجهزة المتصلة بالشبكة العنكبوتية سوف يبلغ حوالي 25 مليار جهاز متصل بحلول سنة 2020.
ويعوّل الخبراء في مجال المدن الذكية على هذه التقنية لتوفير منظمونة متصلة، يتم خلالها نقل وتبادل كميات هائلة من البيانات في وقت قصير دون تدخل من الإنسان. ومن المرتقب أن يستفيد مجال الواقع الافتراضي الذي يحتاج سرعة كبيرة لنقل البيانات – من شبكات الجيل الخامس، الأمر الذي يساهم في انتشارها.
العربي الجديد