أسقطت لجنة التعديلات الدستورية بالبرلمان التي ترأسها د. بدرية سليمان نائبة رئيس المجلس الوطني المادة المقترحة بحق الزواج بالتراضي التي دفع بها حزب المؤتمر الشعبي في الحوار الوطني وقام رئيس الجمهورية عمر البشير بوضعها على منضدة البرلمان بجانب جملة من التعديلات للدستور الحالي، ويعتبر حزب المؤتمر الشعبي هو الحزب المتمسك بتلك التعديلات دون الأحزاب الأخرى المشاركة في الحوار الوطني وكانت قد قطعت عند رفضها وعدم إجازتها من البرلمان بعدم المشاركة في الحكومة القادمة مما يضع تساؤلات على حيثيات إسقاط مادة حق التزاوج التي تعتبر من أهم التعديلات الدستورية المثيرة للجدل في الساحة الآن.
قصة اللجنة
وشهد البرلمان أمس الاجتماع الروتيني للجنة التعديلات الدستورية المكونة من (109) عضواً برلمانياً لديهم الخلفية القانونية، ويعتبر اجتماع الأمس الخامس مناقشة التعديلات الدستورية المتعلقة بالحريات العامة، وناقشت اللجنة في اجتماعها الأول التعديلات مع ممثلي الحوار الوطني وفي مقدمته حزب المؤتمر الشعبي حيث هاجم كمال عمر رئيسة اللجنة واتهمها بتزوير مسودة التعديلات التي لا تتطابق مع مخرجات الحوار الوطني.
الاجتماع الثاني للجنة مع مجمع الفقه الإسلامي وأنصار السنة والصوفية لأخذ آرائهم حول التعديلات، ثم توالت اجتماعتها مع خبراء قانونيين وممثلين من جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذين رفضوا التعديلات إلى أن وصلت اللجنة لاجتماعها الخامس أمس، أسقطت فيه تعديل مادة حق التزواج على أن تكتفي اللجنة بالمادة الحالية الموجودة في دستور (2005) .
مقارنة بين المادتين
نورد نص المادتين، المادة الموجودة حالياً بالدستور تقول (مادة 15 الفقرة (1) : الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع ولها الحق في حماية القانون، ويجب الاعتراف بحق الرجل والمرأة في الزواج وتأسيس الأسرة وفقاً لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهما، ولا يتم أي زواج إلاّ بقبول طوعي وكامل من طرفيه. أما الفقرة (2) تضطلع الدولة بحماية الأمومة ووقاية المرأة من الظلم وتعزيز المساواة بين الجنسين وتأكيد دور المرأة في الأسرة وتمكينها في الحياة األعامة.
أما المادة المقترحة للتعديل تنص على أن حق التزاوج عند بلوغ سن الرشد المقررة قانوناً، بين -ذكر وأنثى- بالتراضي والتعاقد مباشرة أو وكالة، على أن تسير الأسرة وفق دين الأطراف أو عرفها ويرعى المتاع والوصايا والمواريث بعد الموت وفق ما يلي المعنيين من دين أو عرف أو قانون. بجانب أن التعديل في المادة (28) تقول : لكل شخص الحق في أمان روحه ونفسه وطلاقة مساعيه في الحياة ولا يحق حرمانه من هذا الحق إلا وفق قانون ماض وقضاء فيه فاصل يجيز العقاب لمتهوم ثبتت له جناية في انتهاك حرمة حياة آخر بقتله إلا إن فعل ذلك مدافعة كانت لازمة عن نفسه وما يليه من حرمة.
المواد المقترحة للتعديل
شملت مشروع التعديلات على (13) تعديلاً هي، حق التزاوج ورعاية الأسرة، حق الحياة والكرامة الإنسانية، حق الطلاقة، الحرمة من الرق والسخرة، المساواة، حرمة الخصوصية، حرية الاعتقاد والعبادة والمذهب، حرية التعبير والإعلام، حرية الموالاة والتجمع والتنظيم، بجانب تعديلات خاصة بالمحكمة الدستورية، مجلس القضاء العالي، جهاز الأمن الوطني وأخيراً أحكام إنتقالية تنص على أن يعين رئيس الجمهورية كافة مستويات الحكم لحين قيام الانتخابات في 2020م لمستويات ولاة الولايات والمجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية.
شمار في مرقة
من جهته جدد المؤتمر الشعبي هجومه العنيف على بدرية سليمان رئيس لجنة التعديلات الدستورية على إثر إسقاط مادة الزواج بالتراضي التي نصت بها مخرجات الحوار الوطني ، ووصف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر في حديث للتيار أمس إن ما تقوله بدرية سليمان لا يعدو أن يكون (شمار في مرقة)، واتهم عمر شخصاً لم يسمه باللجنة سعى لإسقاط المادة، لافتاً إلى إن تلك المرحلة التي تمر بها التعديلات ليست مرحلة نهائية لإسقاط التعديلات، وتابع بأنها اتفاق سياسي عبر مخرجات الحوار الوطني .
والجدير بالذكر، بأن اللجنة شهدت تبايناً في الآراء بين الأعضاء بشأن المادة (15) في التعديلات المقترحة التي حددت التزاوج عند بلوغ سن الرشد المقررة قانوناً بين ذكر وأنثى بالتراضي والتعاقد مباشرة أو وكالة، على أن تسير الأسرة وفق دين الأطراف أو عرفها ويراعي المتاع والوصايا والمواريث بعد الموت وفق ما يلي المعنيين من دين أو عرف أو قانون.
الخرطوم: علي فارساب
صحيفة التيار