أبدت مصادر رسمية ومدنية قلقها من تفاقم ظاهرة التشرد في جنوب دارفور وسط تزايد الزيجات وحالات الحمل بين المتشردين الأطفال حيث تغيب الإحصاءات المحدثة عن أعدادهم في منطقة عانت الحرب وصراعات القبائل منذ 13 عاما.
وتعاني وزارة الشؤون الاجتماعية بولاية جنوب دارفور من شح الموارد والامكانات لمواجهة ظاهرة تزايد الأطفال المشردين خاصة بعد ظهور حالات الحمل والولادة وسطهم بصورة مخيفة ما شكل وضعا إنسانيا حرجا نتيجة للظروف التي أفرزتها الحرب في دارفور.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية بالولاية عائشة موسى للإذاعة المحلية بنيالا في وقت سابق إن التشرد من أهم التحديات التي تواجهها الولاية مشيرة الى أنها بذلت قصارى جهدها لوضع حد لظاهرة التشرد والتسول عن طريق إدماج المشردين مع أسرهم عبر برامج لم الشمل.
وأفاد مسؤول فضل حجب اسمه “سودان تربيون” أن آخر احصائية تمت في العام 2014 كان عدد الأطفال المشردين 4657 طفلا 90% منهم يعيشون في مدينة نيالا بينما 10% منهم في رئاسات المحلية.
وتوقع زيادة أعداد المتشردين مشيرا الى تفشي ظاهرة الحمل والإنجاب بصورة مخيفة وسط المشردين رغم أنهم أطفال لم يبلغوا سن 18 سنة، وتابع قائلا “طفلة أصبحت أم لطفلة هذا الأمر لا يمكن أن يتصوره أحد”.
وأبان المسؤول أنهم صنفوا التشرد بين الأطفال الى نوعين “كلي وجزئي” حيث يعني التشرد الكلي الذين ينامون في الأسواق بينما يعني التشرد الجزئي أن يعيش المشرد نهاره في السوق ويعود الى ذويه ليلا.
وأضاف أن عدد البنات المتشردات وسط الأولاد في العام 2014 تجاوز 37 طفلة، موضحا أن معظمهن تجاوزن سن الطفولة حاليا بعد بلوغهن سن الرشد وأصبحن أمهات للعديد من الأطفال.
وقالت احدى المشردات وتدعى “أ ص” إنها تعيش متشردة منذ العام 2009 مع اخوانها بعد أن فقدت أسرتها بسبب الحرب التي شردتهم موضحة أنها تبلغ من العمر حوالي 18 سنة لكنها رفضت الإدلاء بتفاصيل أكثر، غير أنها تتمنى أن تعود الى أسرتها بأسرع ما يمكن.
وأشار المسؤول الى تناول المتشردين مادة “السليسيون” المسكر والمخدرات بشكل مفرط هروبا من الواقع الذي يعيشونه الأمر الذي يؤدي دائماً الى ارتكاب الاعتداءات الجنسية وغيرها ضد الأطفال من قبل الذين تجاوزوا سن الرشد.
وذكر أن هناك ثلاثة مراكز بالولاية لتأهيل المشردين غير أنها تواجه معضلة التمويل ما أدى إلى عودة العديد منهم الى الأسواق مرة أخرى قائلا إن الحجم الكبير للمشردين يتطلب انشاء المزيد من المراكز مع توفير التعليم والصحة، خاصة أن العديد منهم فشلت إدارة الرعاية الاجتماعية والمنظمات من الوصول الى ذويهم لأن بعضهم فقد أسرهم وهم دون سن الثالثة.
وقال المسؤول إن ثمة متشردين وفدوا الى الولاية من دول مجاورة مثل تشاد ونيجيريا والنيجر وأفريقيا الوسطى إلى جانب ولايات أخرى موضحا تسليم الأجانب منهم الى قنصليات وسفارات تلك الدول عبر الإجراءات الرسمية.
من جانبه أكد الباحث الاجتماعي صالح عبد الله آدم لـ “سودان تربيون” أن من أهم أسباب التشرد هي الحروبات التي وقعت بين حركات التمرد في دارفور والحكومة والصراعات القبلية التي عاشتها الولاية إلى جانب انهيار العلاقات بين الأبوين بالطلاق والعنف المنزلي والظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها الأسر.
وأضاف الناشط في منظمات المجتمع المدني وعضو جمعية أصدقاء المشردين نور الدين بريمة أن العديد من الأطفال الذين يدرسون في خلاوي القرآن الكريم انحرفوا الى التشرد لعدم توفير الإعاشة في الخلاوي ما اضطرهم الى التسول في الأسواق والاختلاط مع المتشردين.
وأوضح بريمة أن أطفالا ضمن طلاب الخلاوي بمدينة نيالا تلزمهم إدارات الخلاوي بإيرادات يومية تدفع لشيخ الخلوة مقابل دراسة القرآن من دون علم أولياء أمورهم البعيدين عن المدن.
وأشار إلى أن جمعية أصدقاء المتشردين وضعت خطط وبرامج توعوية تبث من خلال إذاعة نيالا بالتنسيق مع لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس التشريعي للولاية ولكن لم تكلل بالنجاح “نسبة لوجود متاريس غير مشجعة من حكومة الولاية”.
وأفاد أنه ليس هناك إرادة واضحة لمعالجة قضية التشرد داعيا الى أهمية إعطاء كافة المتشردين حقوقهم المدنية في التعليم والصحة والرعاية وسبل كسب العيش الكريم.
وأكد مسؤول بشرطة الولاية ورود العديد من بلاغات التعدي على الأطفال المتشردين من الذين يكبرونهم سنا ما قاد إلى لجوء العديد منهم للمبيت قرب مراكز الشرطة خوفا من الاعتداءات المتكررة.
وذكر أن هناك حالات زواج تتم بين المتشردين عبر طقوس محددة ما أدى إلى حالات ولادة مستمرة منوها الى أن هناك مجتمع آخر له مكوناته الأسرية وسط المتشردين.
سودان تربيون