عبارة قالتها لي زميلة عمل أجنبية أثناء رحلة ميدانية إلى إحدى ولايات السودان. لخصت فيها دهشتها بما تقوم به المرأة السودانية من أعمال يومية وهي تحرك بأصابعها المجردة جمرات الفحم الملتهبة أثناء إعدادها للشاي والقهوة في الطرقات العامة أو وهي ممسكة “بطرقة” الكسرة والابري وهي ساخنة وتقوم بلفها بعناية ويسر بذات الكيفية التي تمسك بها اناء الطهي وهو مشتعل. قالت لي أنها زارت عدة بلدان أفريقية وأسيوية لكنها لم تشاهد قط أي إمراة من نساء العالم لها هذه المقدرة العجيبة على الجلد والصبر والإحتمال!
هؤلاء النسوة واللائي هن قابضات على قطع الجمر الحقيقة تعاني غيرهن من نساء أيضا من المشي على دروب جمر يومية من الظلم والحرمان من أغلب حقوق الإنسانية والمواطنة الحقيقية في مجتمع ما زال يرزح تحت وطأة هيمنة ذكورية خالصة. وبالتالي يتعامل مع المرأة على أنها “مخلوق درجة ثانية” وأدنى مرتبة في الإنسانية من الرجل وأقل قيمة و عقلا وفهما!
في ظل الحكم الحالي بالسودان والذي استمر لعقود فقدت المرأة السودانية الكثير من حقوقها واستقلالها الاقتصادي وإنكمش تأثيرها في الحياة الثقافية والاجتماعية وذلك لاستخدام الدين والشريعة والتفسير الاسلامي السياسي كسلاح للحد من أنشطتها واستقلاليتها. ولكن المراة لم تظلم من قبل الدولة والحكومة وحدهما فحسب بل من قبل المجتمع ككل، فقد ظلت ليست فقط حبيسة التسلط الذي يمارسه في الغالب الأعم الذكور بل هي أيضا حبيسة تخلف الغالبية العظمى من النسوة والجهل الكبير وسط أوساط النساء حتى المتعلمات منهن وعدم الوعي بالمشكلات والتحديات الحقيقية للنساء بالإضافة إلى السلبية في عدم النضال وبذل الجهد لخلق واقع أفضل للنساء.
وتحية أجلال وتعظيم سلام لكل إمرأة استطاعت بعملها وعلمها تغيير واقع حياتها وحياة غيرها إلى الأفضل بفضل الإيمان بالمقدرات الفردية والجد والكفاح والإعتماد على الذات.
لا أستطيع التمنى بعام قادم أفضل وضعا للنساء لأن الدرب ما زال وعرا وطويلا ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.
وكل عام ونساء بلادي ورجاله المستنيرين الذين يؤمنون بالمرأة كانسانة كاملة الأهلية العقلية بألف خير وعافية.
بقلم
ندى أمين