عندما سافرت أمى لأداء فريضة الحج فى عام 1972 كانت وصيتنا لها أن تحضر لنا كرة قدم و كاميرا. أما كرة القدم فقد لعبنا بها عهدا من الزمن إلى أن وجدت طريقها يوما إلى “ادبخانة” منزل خالتنا سلمى رحمهم الله جميعا. أما تلك الكاميرا فظلت بحوزتنا لزمن طول و إلتقطنا بها صورا عدة و نحن فى عهد الصبا.
و عندما عاد خالى دليل، رحمه الله، من ألمانيا بعد عدة سنوات دراسية بها، و كنت حينها قد انتقلت ألى المرحلة الثانوية و كنت قد أحرزت المركز الأول على مستوى مديرية الخرطوم، أهدى لى كاميرته الخاصة. كانت تلك الكاميرا Agfa و كانت عالية الجودة إلتقطت بها أروع الصور للاصدقاء و الأهل. و كانت لا تفارقنى فى كل تحركاتى و معظم المناسبات. و حزنت كثيرا حين فقدت تلك الكاميرا فى جامعة Essex فى أخر يوم لى بالجامعة. فقد دخلت فى أحد صناديق التلفونات الحمراء الشهيرة و إتصلت بالأهل فرحا لأخبرهم بحصولى على درجة الماجستير و غادرت المكان تاركا تلك الكاميرا داخل الصندوق. و حينها حزنت على الصور التى ضاعت مع الكاميرا كما حزنت على الكاميرا نفسها.
فى عام 1988 اقتنيت كاميرا Yashika ظلت رفيقا لى حتى بدأت ثورة الكاميرا الرقمية و بعدها ثورة الهواتف المحمولة و أضحى التصوير فى متناول الجميع.
كنت أشد الرحال إلى إستديو النيل بشارع الجمهورية لأشترى فيلم 35mm. كان الفيلم يحتوى على 24 لقطة أو 36 لقطة على الأكثر. أذكر أن ال ISO المتاحة لنا فى ذلك الوقت كانت ISO 100 و احيانا قليلة 200 بسعر أعلى فكنت أكتفى ب 100. أما الكاميرا Agfa فكانت تحتوى على f5.6 و f8 و f11 و سرعات إلتقاط 1/30 و 1/60 و 1/90 و 1/125 و 1/225 ثانية و لم يكن بها طريقة لضبط ال focus بطريقة جيدة، و كان على أن أقيس أو أقدر المسافة للجسم ثم أحرك العدسة للوضع المطلوب. و الحق يقال فقد إلتقطت صورا رائعة بتلك الكاميرا الراقية.
كان علينا إختيار اللقطات إختيارا دقيقا فهنالك 36 فرصة فقط. و بعد إكتمال اللقطات نأخذ الفيلم للتحميض فى العمارة الكويتية. و بعد إسبوع أو إسبوعين نتحصل على السالب negative و بعد اسبوع آخر يتم طبع الصور. و أذكر تلك الفرحة التى تغمرنى و أنا أنظر لتلك الصور لأول مرة. كنت أحرص على طباعة نسختين من الصور، أحتفظ بإحدى النسخ و لا يراها أحد. أما النسخة الأخرى فلا مانع لتوزيعها لمن يستحقها.
أما الكاميرا الأخرى Yashika فقد منحتنى المقدرة للتحكم فى ال focus و عليه فقد إمتلكت صورا لا تقيم بثمن للاسرة و الاصدقاء لحوالى عقدين من الزمان.
لم أمتلك يوما كاميرا باهظة الثمن و لم أكن يوما مجيدا لفنون التصوير و لكن كنت و لا زلت أحتفظ برصيد لا بأس به من الصور و كل صورة ألتقطها تعنى لى الكثير فهى لحظة من الزمان لن تعود.
التحية للمبدعين و هواة التصوير الذين أتابع لقطاتهم و أمنى نفسى أن أجد الزمن و المعرفة لإشباع هواية تعلقت بها منذ الصبا و لكن لم أعطها حقها من الممارسة و التعلم.
بقلم
بروف: شريف فضل بابكر
9 مارس 2017