تحقق شرطة قسم سوبا شرق حول ملابسات مقتل سيدة بعد تعرضها للضرب أثناء جلسة علاج بالرقية الشرعية، وفيما أوقفت الشرطة المتهم (الراقي) الذي قام بضربها حتى الموت، ووجهت له تهماً تتعلق بالقتل، وشرعت في التحقيق معه. وكشفت مصادر بأن السيدة (ر ع) ذهبت برفقة زوجها إلى الشيخ المتهم بغرض علاجها حيث قام بعمل جلسات علاجية لها ويوم أمس الأول ظهراً وبينما كان يقوم برقيتها قام بضربها بالسوط بحجة استخراج الجن الذي سكن جسدها واستمر في ضربها إلى أن سكنت حركتها ليتبين أنها توفيت.
المتوفية طرقت أبواب التداوي بالقرآن بحثاً عن علاج لها ووصف لها بعض المقربين ذلك الشيخ المتهم وأكدوا لها بأن لديه قدرة على علاج حالات المس والسحر لتذهب إليه وتبدأ جلسات العلاج وفي ليلة الحادثة اصطحبت زوجها الذي ذهب معها إلى الشيخ وأثناء القراءة سحب الشيخ سوطاً يستخدمه في العلاج، وظل يضرب به السيدة إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة تاركاً آثار السياط بأجزاء متفرقة من جسدها، ليقوم زوجها بتدوين بلاغ وتمت إحالة الجثة للمشرحة والقبض على المتهم واتخاذ التدابير اللازمة ويوم أمس تم تشريح الجثمان وتسليمه لذويه حيث وري جسدها الثرى بمقابر الحاج يوسف حيث تقطن مع أسرتها.
غلاء الأسعار
يرى مدير مشرحة بشائر بروفيسور عقيل النور سوار الذهب في حديثه لـ(السوداني) أن غلاء أسعار الدواء وارتفاع كلفة العلاج بالسودان كانت السبب الأساسي الذي قاد بعض المواطنين للاتجاه إلى الدجالين والمشعوذين والعشابين بحثاً عن العلاج الرخيص، وشدد بروف عقيل على خطورة الظاهرة وضرورة محاصرتها وتداركها منبهاً إلى ضرورة نشر الوعي بين المواطنين وخاصة النساء حتى يتجنبن الخلوى غير الشرعية مع أولئك الذين يدعون قدرتهم على العلاج. وأضاف بروف عقيل بأن المشكلة أصبحت متشعبة وتحتاج لشجاعة كبيرة في تفكيكها وعرضها والعمل على اجتثاثها. ويرى د.عقيل أن على السلطات مراجعة تلك المركبات والمحلات والفراشين الذين أصبحوا يبيعون الأعشاب على مرأى ومسمع من الجميع، وأن تتخذ التدابير اللازمة لمحاصرة مثل تلك الأنشطة لافتاً إلى أن هنالك كثيراً من الوصفات غير المعروفة تباع الآن تحت مسمى الأعشاب حول المسجد الكبير وغيره من الأماكن لافتاً إلى أن الدواء وقنواته وأساليب الحصول عليه معروفة وعلى المواطنين الانتباه وأخذ الحيطة والحذر من مثل أولئك الدجالين حتى لا يصبحوا ضحايا.
مقتل الطبيبة
قبل عشر أعوام في حوالي العام 2006م – 2007م لقيت الطبيبة (م) مصرعها في ظروف غامضة حيث أبلغت أسرة الفتاة شرطة قسم دائرة الاختصاص بالثورات بوفاة ابنتهم الطبيبة وأن على جثتها آثار ضرب مبرح، وطبقاً للتحريات آنذاك فإن الطبيبة كانت تتلقى العلاج بواسطة أحد المشعوذين الذي كان قد أكد لها بأنها مصابة بالسحر وأنها لن تنجو من ذلك إلا بالخضوع للعلاج وأنها سوف تتماثل للشفاء فى حال أنه قام بعلاجها، فوافقت على الخضوع للعلاج، فكان يعقد لها جلسات ويقرأ عليها ثم يقوم بضربها بحجة أن الجن الذي يسكن جسدها لن يبارحه إلا بالجلد المبرح. وفي يوم الحادثة ظل يضربها وهي تصرخ إلى أن فقدت الوعي وتوفيت. يقول البروفيسور عقيل إن هذه الحادثة وقعت بأم درمان وقتها ونسبة لعدم وجود مشرحة بأم درمان تم نقل الجثمان لمشرحة الخرطوم لتشريحه ويضيف بأن الجثة كانت بها الكثير من آثار الضرب المبرح والذي قاد للوفاة لافتاً إلى أنه تم إكمال ملف القضية وأحيلت للمحكمة وبدأت جلسات المحكمة بحضور مكثف وحضر الشيخ المتهم ووقتها كان يرتدي شالاً أخضر يغطي بعضاً من أجزاء جسده العليا واستمرت المحاكمة إلى أن أصدرت المحكمة حكماً في مواجهته.
فكي الظهرة
حالة أخرى كان المتهم فيها أحد الدجالين والضحية فتاة صغيرة كانت تتلقى العلاج لديه وكان يوهمها بأنها مصابة بـ(العارض) الذي يحول دون زواجها، وقال لها بأن علاجها بسيط وهو أن تقوم بتناول (الظهرة) التي تستخدم في غسيل الملابس البيضاء لتكسبها اللون المائل للأزرق ، وتعلل الفكي بأنها فعالة في طرد الجان والعارض عن الجسد المصاب وبالفعل قامت الفتاة بتناول الـ(ظهرة) إلا أنها توفيت في ظروف غامضة، وتم نقلها للمشرحة حيث تبين أن سبب الوفاة جرعة مادة سامة عبارة عن مركب الـ(ظهرة) .
طفل الخلوة
يقول بروف عقيل إنه سبق وأن قام بتشريح جثمان طفل صغير أحضر من إحدى ولايات السودان، وقال عقيل إن الطفل تعرض للضرب المبرح من قبل فكي بإحدى الخلاوي حتى تأذى ونقل لتلقي العلاج بمستشفى الخرطوم التعليمي حينما كان مستشفى، إلا أنه توفى متأثراً بآثار الضرب التي تعرض لها.
طالبة الثانوي
الطالبة (ج) كانت تعاني من بعض الأمراض بينما كانت امتحانات الشهادة قد قاربت وأن أمراضها تلك كانت تمنعها من مزاولة دراستها بطريقة متواصلة ودوماً كانت تعطلها ونسبة لأنها كانت أمل أسرتها قررت والدتها أخذها لـ(فكي) بالحي لتلقي العلاج وشرع الفكي في علاجها إلا أنه قام باغتصابها واعتدى عليها بالضرب المبرح ومن ثم خنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ، ليتم القبض عليه وإحالة الجثمان للمشرحة.
يقول مدير مشرحة أم درمان بروف جمال يوسف لـ(السوداني) إن مثل هذه الأفعال تنجم عن عدم وعي وإدراك ووصف المواطنين الذين يلجأون للعلاج لدى الدجالين بالتخلف والجهل، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه كل من يتم ضبطه من أمثال أولئك الدجالين.
سابقة قضائية
يقول المستشار القانوني آدم بكر لـ(السوداني) إن الدجل والشعوذة ممنوعان بنص القانون والكتاب، إلا أن الظاهرة تفشت أخيراً وأصبح ممارسوها هم الأكثر تحرشاً بالنساء والفتيات وأن التحرش يحدث أثناء العلاج بحجة أنه نوع من أنواع العلاج وأحياناً يشترطون على طالبة العلاج الممارسة الجنسية الكاملة بحجة أنها جزء أصيل في العلاج وبدونها لا يكتمل العلاج، ويضيف أن القانون أفرد عدة مواد لمثل هذه الأفعال، إلا أن الظاهرة تفشت والسبب في ذلك يعود لجهل الناس الذين يترددون على المشعوذين وضعف إيمانهم، فتلك المخالفات ترتكب برضاء الضحايا أنفسهم، والأمر المؤسف أن هنالك عدداً من المتعلمين والمتعلمات بينهم بعض الذين يدعون التدين نجدهم يرتادون أمثال أولئك الدجالين والمشعوذين بغرض العلاج، ومثل هذه الممارسات المخالفة للدين والقانون يشترك فيها الدجال وطالب العلاج.
هنالك سابقة قضائية صادرة من المحكمة العليا لسنوات خلت تناولت قصة (فكي) بإحدى قرى الجزيرة قام بضرب مريض كان يتعالج لديه بالسوط حتى الموت ووجهت له تهمة القتل العمد إلا أنه لم تتم إدانته تحت هذه المادة وذلك بحجة أن السوط ليس من الأدوات القاتلة وحاكمته المحكمة بالسجن والدية آنذاك.
تقرير : هاجر سليمان
السوداني