علاقات السودان ومصر بين التفاؤل والتشاؤم (3-1)

حين فكرت في الكتابة عن هذا الموضوع، الذى تكرر تناوله، شعرت بأنني سأزج بنفسى داخل وكر دبابير، لأن هناك آراء متباينة متشاكسة فى بعض الأحيان حول علاقاتنا مع مصر، وأخرى متسامحة متوافقة و متفائلة، ولا شك أن وكر الدبابير سيكون من لدن تلك الآراء التى لا ترى إلا الجانب المظلم من الصورة.. أما لسبب سياسي او نفسي، و قبل الاستعداد لقبول الوخزات والطعنات أبين النقاط الرئيسية عن المأخذ التى يسوقونها – ليكون لكل فرد رؤيته للرد عليها..

-رأى يرى أن مصر لا ترى في السودان إلا حديقة خلفية لشعب متخل ، يعيش فى بلد كان من ضمن ممتلكاتها حتى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، واستقلاله كان خطأً استراتيجياً، ولا بد من إعادة تشكيله حتى ولو جزئياً، وليكن امتداداً لمصر المثقلة بأعداد هائلة من سكان يتزاحمون على امتداد شاطيء النيل الضيق الذى لم يعد قادراً على استيعاب المزيد من المواليد الجدد في بقعة يزيد سكانها بمعدل المليونين نسمة سنوياً..

-رأى يرى بأن مصر لم تراع حقوق السودان الذى ضحى بأغلى مناطقه حين غمرتها مياه النيل بعد تشييد السد العالى وتهجير سكانها إلى منطقة لا تناسبهم بيئياً وثقافياً واجتماعياً، ولم تفكر مصر لحظة في الاهتمام بهؤلاء الذين ضحوا مع أخوة لهم فى مصر هاجروا أيضاً إلى بيئات مغايرة …رغم أنهم يعتبرون من نسيج مكونات مجتمعاتهم في السودان ومصر.

– رأى ثالث يرى بأن هناك استعلاء مصري يريد دائماً فرض رؤاه ومصالحه فوق الآخرين، ويصور المصريين كمعادين للسودان والسودانيين، حتى فى بلاد المهجر يتندر الكثيرون بحكايات مثيرة تكتنفها مبالغات، ورأى رابع يقول بأن السودان ظل دائماً هو الذي يضحي من أجل مصر، مسانداً لها أيام الشدة ، كما حدث في حرب 1956 وحرب 1967، مشاركة بالروح والدم، وقطعاً للعلاقات مع دول أخرى، وسعياً لرأب الصدع بين مصر ودول أخرى، لاسيما بعد هزيمة 1967 حين استضافت الخرطوم مؤتمر اللاءات الثلاث، مما كان إيذانا ببدء حرب الاستنزاف ثم العبور الذى عد انتصاراً على صلف إسرائيل، وكان السودان هو العضد وقت الشدة رغم مقاطعة الآخرين، وإضافة لكل هذه المواقف قبل السودان اتفاقيتى 1929 و 1959 حول حصص مياه النيل معطياً الأفضلية دائماً لمصر هبة النيل.

رأى خامس يشيرإلى أن بعضاً من الإعلاميين المصريين دأبوا للاشارة صراحة وتلميحا بأن لا وجود لقطر اسمه السودان مستقلاً، بل وإظهار السودانيين كشعب بدائي، يبعث رؤية إفراده على السخرية، مع إغفال متعمد للجانب الإبداعى للسودانيين فى المجالات الثقافية والعلمية، والتركيز فقط على الجوانب السلبية.

-معسكر الآراء المعادية لمصر يتندر أتباعه بقصص لا تنتهي عن مواقف خداع وغش تعرض لها سودانيون زائرون لمصر ، أو لسودانيين تعايشوا مع مصريين في بلاد المهجر مما يعطي الانطباع بأن الفرد المصري مخادع لا يثق فيه.
– و مما يثير دهشة كثير من أبناء وبنات السودان تلون أسلوب التعامل معهم وفقا لتقلبات المواقف السياسية و تذبذباتها سلباً أو ايجابا ، فاذا حدث خلاف سياسي ولو كان عابر انعكس على نوعية المعاملة ليجد الفرد السوداني الكثير من العنت.

– برزت اتهامات من بعض مواطنى الولاية الشمالية المتاخمة لمصر تقول بأن إصرار الحكومة السودانية على تشييد سدي دال وكجبار يتم تحت ضغوط ورجاءات مصرية خدمة لأهدافها في التخلص من كميات الطمي التي تتراكم حول بوابة السد العالي، هذان السدان كفيلان بإغراق الأرض النوبية في منطقتي السكوت والمحس، وذهب البعض إلى اتهام المخابرات المصرية بأنها المدبرة لحرائق النخيل المتوالية فى المنطقة، وذلك لتفريغها من سكانها.

-و دأب المنتقدون لتقارب السودان ومصر على انتقاد ماعرف باتفاقية الحريات الأربعة) حق التملك-التنقل – السكن والدخول بدون تأشيرة والتي تم التوقيع عليها عام 2004 على أساس أنها تُعطى الأفضلية للمصريين فى حق الدخول والامتلاك والاستثمار بينما لايحق للسودانى حق التملك وفق قانون الحكرة ، وفى مجال تأشيرات الدخول لايسمح بدخول السودانيين مابين 18-44 سنة الا بعد فحص طلباتهم و موافقة الامن المصرى.

– و بدأت تظهر اتهامات أخرى ضد مصر مابين اتهام المخابرات المصرية بدعم المعارضين للسلطة فى الخرطوم.. بل إضافة لذلك دعم متمردي دارفور بالاسلحة ..وإرسال شبكات تجسس على المساجد.. ولنا عودة.

راي:صلاح محمد أحمد
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version