بدأ شبح (الجوع) يهدد مناطق سودانية تسيطر عليها الحركة الشعبية لقطاع الشمال بعد أن أعلنت حكومة دولة جنوب السوان رسمياً المجاعة في بعض الولايات الجنوبية، في وقت سارعت فيه الولايات المتحدة الرسمية من إطلاق تحذيرات من وقوع المجاعة في مناطق سودانية تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال ـ بعد شهرين ما لم تستجب الحركة الشعبية لدعوات السلام والجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة السودانية وطي ملف الخلافات المتعلقة بكيفية إيصال الإغاثة الى مناطق الحركة وأكدت واشنطن أن المناوشات ستستمر طالما ظلت قوات الجانبين قريبة من بعضها البعض ما يؤثر سلباً على أوضاع المدنيين هناك.
ضغوط أمريكية
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت الى إطلاق تحذيرات بعد رفض الحركة الشعبية لمقترح كانت قد تقدمت به واشنطن حول كيفية نقل الإغاثة المتخلف عليه بين الجانبين رغم موافقة الخرطوم على المقترح الأمريكي وربما قصدت إدارة ترامب ممارسة المزيد من الضغوط على الحركة الشعبية لقبول مقترحها حسبما جاء في تصريحات السفير الأمريكي بالخرطوم ستيفن كوتسيس وحثه الحركة الشعبية على السماح بدخول المساعدات لمناطق سيطرتها وأضاف قائلاً: (هذا يعني أن المدنيين في حاجة ماسة لرؤية المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية الأخرى في مناطقهم في أسرع وقت وفقاً لتنبؤات حول وقوع انعدام الأمن الغذائي خلال شهرين في المناطق التي يسيطر عليها قطاع الشمال.
لكن الحركة الشعبية ردت تحذيرات الولايات المتحدة عليها وأعلنت استعدادها للجلوس مع الإدارة الأمريكية الجديدة متى ما طلب منها ذلك لمناقشة أي مقترحات منها ومستعدة للاستجابة لأي دعوة من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو امبيكي لحل الأزمة الإنسانية في وقت أبدت فيه التزامها التام بحماية النساء والأطفال والمدنيين في مناطق الحرب وحسب تصريحات المتحدث باسم ملف السلام مبارك اردول أن حركته ستستمر في موقفها بحل القضية الإنسانية أولاً وعدم إخضاعها للأجندة السياسية مضيفاً أن الحركة ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال اليونسيف عقدا ورشة بحضور السفير السيويدي وممثل من السشفارة الكندية بنيروبي لمناقشة كيفية تنفيذ الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة لحماية الأطفال ومنع استخدامهم في أي مجهود حربي.
موقف جديد
التزام الحركة الشعبية واستعدادتها للجلوس مع الإدارة الأمريكية متى ما طلبت منها ذلك ربما يفسر تراجع ضمني من الحركة الشعبية الرافض لمقترح الولايات المتدة المتعلق بكيفية وصول المساعدات الإنسانية الى مناطق تسيطر عليها وتوصد كل الأبواب أمام الخرطوم من التحرك في مساحة الجفوة التي أحدثها موقف الحركة الشعبية الأخير من المقترح الأمريكي سيما وأن الموقف الجديد جاء على لسان المتحدث باسم ملف السلام في الحركة وببيان رسمي، لكن هل غيرت الحركة موقفها طواعية أم تعرضت لضغوط أجبرتها على تغيير الموقف من المقترح الأمريكي ؟ الإجابة جاءت من الخبير الاقتصادي كمال كرار في حديثه لـ(الجريدة) بقوله إن المسألة برمتها لها أبعاد سياسية بعد تقديم النظام الحاكم في السودان تنازلات كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية منها موافقته على المقترح الأمريكي لوصول المساعدات الإنسانية الى داخل مناطق الحركة الشعبية تحت رعاية أمريكية وبالتالي إحراج الحركة التي رفضت المقترح.
تحذيرات خطيرة
ولم يستبعد كرار من أن تضرب المجاعة عدداً من المناطق في السودان بعد أن ضربت مناطق واسعة في الجنوب سيما مناطق الحرب وقال كرار لـ(الجريدة) أمس من الطبيعي أن تضرب المناطق الملتهبة المجاعة بسبب تعطل الإنتاج وعدم توفر الحياة الكريمة وتكدس الناس في معسكرات النزوح وقلة الإمداد الغذائي مع استمرار الحرب يعني وقوع المجاعة ويجب على المجتمع الدولي التحرك بأعجل ما تيسر لإنقاذ الموقف سيما وأن أعداداً كبيرة من مواطني الجنوب نزحوا الى داخل المنطقتين ولا يوجد حل نهائي وبدون وقف الحرب تظل مناطق كبيرة من السودان مهددة بشبح المجاعة، وحول إمكانية ربط الأزمة بما يحدث في جنوب السودان قال كرار إن كثيراً من الإمداد الغذائي كان يدخل الى مناطق الحركة الشعبية عبر جنوب السودان وبعد وإعلان حكومة الجنوب للمجاعة في بعض المناطق من الطبيعي أن تتاثر مناطق الحركة بهذه الأزمة وتنتقل اليها.
أزمة مستفحلة
لكن الخبير الاستراتيجي الأمني سليمان عوض قال إن ما يحدث في دولة جنوب السودان أثر وبشكل مباشر على المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة بسبب قطع الإمداد الغذائي بسبب المجاعة في جنوب السودان وهجمات الحركة الشعبية الأخيرة التي كانت تسعى من أجل توفير الغذاء الى مناطقها تدل فعلياً على أن الأزمة مستفحلة هناك وأضاف لـ(الجريدة): إن تحذير الولايات المتحدة الأمريكية معني به النظام الحاكم في الخرطوم أكثر من الحركة الشعبية بغرض دفعه الى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من موضوعات تتعلق بعضها بايصال الإغاثة للمناطق المتأثرة بالحرب والإسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لرفع العقوبات وحتى لا تستفحل الأزمة وتضرب أجزاء واسعة من السودان شمالاً وجنوباً سيما مناطق جبال النوبة التي تعتبرا الولايات المتحدة الأمريكية ذات بعد استراتيجي خاص وبالتالي فإن توفير الإغاثة لمناطق الحركة الشعبية يساعد في فك ضائقة جنوب السودان سيما المناطق المتاخمة.
تقرير: علي الدالي
صحيفة الجريدة