رسالة إلى أشقائنا فى السودان

تابعت خلال الأيام الماضية، حالة غريبة تسيطر على الأحاديث والحوارات، سواء فى الأوساط السياسية والاجتماعية أو الإعلام السودانى، تحاول فى مجملها استعداء مصر لأسباب غير مفهومة، وغير مبررة أيضًا، منطلقة فى مجملها لشائعات تحملها وسائل التواصل الاجتماعى، أو محاولات تحريض معروفة المصدر وشخصيات تتمنى اليوم الذى تنقطع فيه أواصل الأخوة بين شعبى وادى النيل.

ورغم أن الحقيقة واضحة للعيان، بأن مصر لم ولن تقبل أبدًا الإساءة لأحد من أشقائها خاصة السودانين المرتبطين معنا بعلاقات اجتماعية وتاريخية يصعب تجاوزها أو تناسيها، إلا أن أشقاءنا فى السودان للأسف الشديد لم يحاولوا تحرى الدقة، واختاروا أن يسيروا خلف هذه الشائعات ويحققون للمغرضين أهدافهم، فرأينا هذه الحالة التى لا يمكن أبدًا أن تكون معبرة عن علاقة الشعبين.

من حق أشقائنا فى السودان أن يغضبوا إذا لحقهم أذى من مصر، لكن من حقنا عليهم أن يتبينوا الحق من الباطل، وعليهم أن يدركوا جيدًا أن مصر قيادة وشعبًا لا يمكن أبدًا أن تسىء للشعب السودانى ولا للقيادة السودانية، حتى وإن كانت هناك قضايا عالقة بين البلدين تحتاج لحوار ونقاش مستمر حتى نصل فيها إلى اتفاق وتوافق.

نحتاج إلى حوار وتوافق حول كل القضايا، منها التناول الإعلامى، فكم من مرة سمعت غضب الأشقاء من الإعلام المصرى، محملينه مسؤولية كبيرة مما يحدث، وربما نتذكر ما قاله الرئيس البشير قبل عدة أشهر فى القاهرة بأن الناس أصبحوا على دين إعلامهم، وهى إشارة واضحة إلى أن الإعلام، وتحديدًا المصرى هو السبب فى توتير العلاقات بين البلدين، وسمعت كثيرًا عن محاولات واقتراحات لصياغة خطاب إعلامى فى البلدين يحفظ العلاقة بين البلدين، لكن كانت كلها مجرد أحاديث وأمانى لم ترقَ إلى الفعل حتى الآن، وربما يكمن السبب الحقيقى وراء ذلك أن الإعلام ليس هو المسؤول عن التوتر إن وجد، لأن القضية فى الأساس سياسية وقد قلت ذلك أكثر من مرة لمسؤولين وإعلاميين سودانيين، ولازلت عند رأيى هذا الذى تدعمه كل الحقائق والوقائع، فالمتابع للإعلام المصرى خلال تناوله للعلاقة مع الخرطوم سيجد أنه ليس منشئًا للحدث وإنما ناقلاً له أو معلقًا عليه، لذلك إذا كان لابد من حل فهو فى يد السياسيين.

على السياسيين وتحديدًا فى الخرطوم أن يتنبهوا لذلك جيدًا حتى نحافظ على ما تبقى من علاقة، خاصة أننا ندرك أن هناك أطرافًا إقليمية وقوى فى القاهرة والخرطوم لا يعجبهم التوافق الذى ظهر بين البلدين خلال العامين الماضيين، فكانوا يتوقعوا أن تسوء العلاقة بعد 30 يونيو لكن جاءت القيادة المصرية الجديدة، لتؤكد اهتمامها بالجوار الاستراتيجى لمصر، وخاصة السودان التى نرتبط معها بعلاقات وثيقة تاريخية واجتماعية، ولا عجب أنه منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم التقى بالرئيس عمر البشير، أكثر من 15 مرة، سواء فى القاهرة أو الخرطوم أو خلال مشاركة الرئيسين فى مناسبات إقليمية ودولية، وهو ما أثار حفيظة المغرضين فراحوا يبثون سمومهم هنا وهناك، وقد سمعت من أصدقاء متابعين للعلاقات المصرية السودانية أنهم رصدوا خلال الأيام الماضية تحركات من بعض الشخصيات المحسوبة على جماعة الإخوان المقيمين فى الخارج، هدفها بث الفتنة، منها على سبيل المثال فيديو تحريضى ويحمل كلمات غير مقبولة تجاه أشقائنا السودانيين الذين اعتبروا هذا الفيديو دليل إدانة لمصر كلها، وراحوا يشنون هجومًا شرسًا على المصريين فى وسائل التواصل الاجتماعى.

هذا الفيديو وغيره كثير ظهر وسيظهر مستقبلًا، يهدف إلى بث الفتنة بين الشعبين، لذلك يجب أن نكون جميعًا على قدر المسؤولية لإفساد هذه المحاولات الخبيثة، وأن ننتبه إلى أن خطورة الانسياق وراء هذه المحاولات.

فى النهاية، فإن رسالتى لأشقائنا فى السودان، أن مصر والسودان بلد واحد وسيظلان كذلك مهما حدث.

يوسف أيوب
اليوم السابع

Exit mobile version