لم يكن مستغرباً إيقاف كمال رزق خطيب المسجد الكبير بالخرطوم، بعد أن كثر حديثه عن الفساد باشكاله المختلفه، وإهدار المال العام من قبل المسؤولين بالدولة، فبات وجوده على منبر الجمعة مهدداً لمصالح بعض المسؤولين.
* ولما لم يكن للحديث عن الفساد نهاية فبالتأكيد سيكون لنا في كل يوم حكاية ورواية لن تتوقف إلى أن يتم إرجاع هؤلاء الأئمة (الخايفين الله) غير المتلاعبين بالدين، ولا المسبحين بحمد السلطان واتباعه، وحتى يتوقف نهب ممتلكات الشعب المستباحة منذ 28 عاماً.
* الخطيب كمال رزق من قبل قدم نماذجاً لبعض أوجه الفساد بالدولة، متهماً بعض الوزارات بإهدار المال العام فيما يتعلق بإيجار الوزارات لمباني بمليارات الجنيهات.
* ونضيف للخطيب المفوَه أن الفساد لا يكمن في الإيجارات فقط، ولكنه يكمن أيضاً في تعيينات سياسية وأسرية المواطن والصرف عليها من المال العام والمواطن غير معني بها.
* فماذا يعني أن تعيين الحكومة عشرات الآلاف من الموظفين بوزارات ومؤسسات مختلفة وتصرف لهم البدلات والمرتبات والنثريات والحوافز بالمليارات وفي النهاية المحصلة صفركبير؟؟!!
* الخطيب تساءل وبدورنا نتساءل: هل عدمت الحكومة المباني والمقار لتستأجر مباني بأموال طائلة في ظل التدهور الإقتصادي الذي تشهده جميع مناطق السودان بلا إستثناء؟؟!!.
* فمثلاً تم تحويل مقر وزارة الشباب والرياضة الاتحادية بسبب قرار الإزالة الصادر من حكومة ولاية الخرطوم توطئة لإعادة تأهيل (شارع النيل) بعد أن أجاز مجلس الوزراء قرار ترحيل جميع المؤسسات الحكومية والوزارات من مقرها الذي قبعت فيه لعشرات السنين ولم يكن يكلف حكومة السودان ولا الخرطوم مليماً واحداً، ليتم تحويل الوزارة من شارع النيل الى مبنى فاره في أحد أفخم أحياء الخرطوم لشارع كترينا، والذي يصل إيجاره لأكثر من 100 مليون جنيه بالقديم شهرياً.
* وكذا الحال بالنسبة لوزارة الإرشاد والأوقاف أيضاً والتي تشغر حالياً مبنى مكون من أربع طوابق بأرقى شوارع العاصمة وهو شارع الستين والذي يصل فيه سعر المتر المربع الى أكثر من 30 مليون جنيهاً، فما بالك بسعر الإيجار، وما تبع ذلك من تصريحات بأن حكومة الأمارات هي التي تتبني سداد ايجار المبنى المعني بأكثر من 23 ألف دولار شهرياً؟!
* وليت الحكومة تكذب هذا الرقم وبالمستندات حتى لا نكون جنينا عليها إفكا وعلى المواطن بالصدمة القاضية بعد أن كثرت عليه الصدمات من هول الأرقام الخرافية التي تبتلعها الحكومة يومياً في جوفها تحت مسميات وهمية.
* والسؤال المطروح، لمصلحة من تم الترحيل، ومن هو عراب هذه الصفقات المليونية، ولماذا هذا العقار الضخم تحديداً والوزارة كانت من قبل في مبنى بسيط جداً مكون من طابق واحد، ورغم ذلك كانت انجازات السودان في الألعاب المختلفة ملء السمع والبصر.؟!
* لهذا السبب تم إيقاف خطيب المسجد الكبير، وإسكات العديد من الأصوات المطالبة بكشف كل أنواع الفساد، وهذا هو السودان الموبوء بحكومة فاقدة لأهم مقومات إستمراريتها، ورغم ذلك فهي (قابضة على جمر المناصب وعاضة عليها بالنواجز)، ولا سبيل للفكاك منها إلا بقوة الإرادة والعزيمة للشعب السوداني، إن أراد فعلاً تغيير واقعه الطافح.
بلاحدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة