ما منعونا وكدا

كان ياما كان في نهايات القرن الماضي ..وبدايات عهد الإنقاذ ..كان أحدهم في مدينة عطبرة يبيع (الباسطة) ..ويسوقها بطريقة لطيفة ..اذ كان يردد بأعلى صوته (ما اااا بالسمنة وكدا) ..لا أعتقد أن الباسطة كانت بالسمنة ولا أعتقد أنها كانت تتفوق على باسطة حاج عبدالفتاح أو سليمان أباظة ..لكن ذلك الإعلان المتفرد ..جعل باسطة ذلك الصديق الأكثر شهرة ..بل سارت بمقولته الركبان ..وصارت مثلاً يقال لكل شيء يراد مدحه (والله الشيء دا ..مااا بالسمنة وكدا)

في تلك الأيام ..كانت شرطة النظام العام حديثة العهد ..فرحة بتلك السلطة التي أوتيت لها ..تعرضوا لصديقنا المسكين ..ومنعوه من ترديد العبارة ..ذلك أن البعض استعارها وقصدوا بها أشياء غير محمودة (مال صديقنا ومال تفسيرات البعض الغريبة..ثم ماله ومال سوء ظن ناس النظام العام آنذاك) ..لكن ماذا يفعل ..تفتق ذهنه عن حل يرضي جميع الأطراف ..الشرطة التي منعته ..وزبائنه الذين اعتادوا صوته ..فصار يردد (ماااا منعونا وكدا).

انتشرت الفترة الماضية ..عبارة (محاسن كبي حرجل) ..وأصبحت ملازمة لأغلب النكات التي يفرج بها هذا الشعب الممكون وصابر على نفسه ..الحقيقة أغلب النكات التي تصحبها تكون فيها مفارقة لطيفة وباعثة على الابتسام ..سمعت أن أحد الفنانين الشباب قد غناها أغنية ..فما كان مجلس المهن الموسيقية إلا أن اوقفه عن الغناء لمدة عام ..أها (دا أسمه شنو ..وساكن وين ) ..ما هو السبب؟ قيل أن الاغنية لا تضيف شيئاً ..وكأن كل الغناء الموجود على الساحة على شاكلة.. (شذى زهر ولا زهر) ..طيب ناس (بردلب أقع) ..ديل عاملين ساتر ولا شنو؟؟ لماذا لم تطالهم قوانين المجلس؟؟

تذكرت قصة ..قرأتها منذ زمن بعيد ..كانت تتحدث عن جماعة اسمهم (المخططين) ..يرتدون المخطط فقط ..ولا يحبون بقية الأنواع من الأقمشة ..سنحت لهذه الجماعة الفرصة في الحكم ..فاذا بهم يفرضون ذلك التخطيط على كل المواطنين ..وصار ارتداء أي نوع آخر جريمة يعاقب عليها القانون ..كنت أعتقد أن فرض مثل هذه الأشياء يقع في القصص والروايات ..لكن هاهي تحدث أمامنا ..بالله عليكم ..دعوا الناس (تتونس) …ويا محاسن (ما منعونا وكدا)

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

Exit mobile version