وأولادنا (مين يعفو عنهم)؟

أصدر رئيس الجمهورية قراراً رئاسياً بالعفو عن الصحفي التشيكي المهتم بالتجسس، بعد أن تمت إدانته، وتم الحكم عليه بعشرين عاماً، وقبل فترة أصدرت الرئاسة قراراً أيضاً بالعفو عن بريطاني متهم أيضاً بالتجسس.
إن سماحة رئيس الجمهورية كانت في إبداء حسن النية لتلك الدول، ولكن رعاياها لم يلتزموا بالضوابط الشرعية للدخول وكل يتعلق بسيادتها، ولكن إذا كان هذا موقف رئيس الجمهورية، لماذا لا تعامل تلك الدول رعايا السودان بنفس الطريقة الحسنة التي عاملنا بها جواسيسهم، رغم أن أبناء السودان لم يتم ضبطهم جواسيس في أي دولة من الدول، لا عربية ولا أوربية أو أفريقية، ولكن يفترض، حتى الذين يتم ضبطهم في مخالفات مالية أو حالة سكر أو دجل أو غيرها من الممارسات التي يتم دائماً ضبط رعايانا فيها، أن يعاملوا بنفس الطريقة السمحة التي تتعامل بها الدولة، وعلى أعلى قمة فيها، ولكن نجد العكس لأبناء السودان في كثير من البلدان يتم اضطهادهم والزج بهم داخل السجون، وأحياناً يكون المخطئ ليس المواطن السوداني، وإنما أحد رعايا تلك الدولة، وكم مِن مواطن فقد روحه عندما أجبرته الظروف للتسلل إلى إسرائيل، وكان مصيره الموت بطلقة من الشرطة المصرية، وكم من مواطن فقد ماله في إحدى الدول العربية، لأن الكفيل لم يعطه حقه وبحماقة السودانيين ربما يتهوَّر ويتعدى على هذا الكفيل، ونتيجة لتلك الحماقة يفقد ماله وعمله وربما حياته، فلا الدولة تدخلت لإنقاذه، ولا الدولة التي يعمل فيها أخذت له حقه من هذا الكفيل، فالمواطن السوداني لا أحد يسأل عنه في ديار الغربة، ولم نسمع أن رئيس دولة اتخذ قراراً بالعفو عن مواطن سوداني ليس لتخابره على تلك الدولة، ولكن لأنه لم ينل حقوقه من الذين يعمل تحت إمرتهم، لماذا نحن بهذه الطيبة وهذه السماحة التي لا توجد في أي دولة من الدول، هناك القانون يسري على الجميع، ولا يوجد عفو رئاسي ولا غيره، القانون قانون، فمن حكم عليه بعام أو عشرين عاماً، يقضي العقوبة ويغادر البلاد، ولكن نحن نعفو وكمان نقطع له التذكرة ونشتري (الهدوم والريحة) ونودِّعه في المطار، في شعب بهذه السماحة يا عالم؟.

في فترة الرئيس المصري السابق “مرسي” تم ضبط صحفية مصرية، ولكن ماذا حدث لهذه الصحفية؟، هل أدخلت سجن النساء بـ”أم درمان” أو سجن “الهدى” أو رحِّلت إلى أي سجن داخلي؟، لقد عادت هذه الصحفية معززة مكرمة إلى بلادها، وفي طائرة رئيس الجمهورية الرئيس “مرسي”. أما أبناء الشعب السوداني في مصر يرحَّلوا إلى “ليمان” أو”طرة” وإلى سجن “القناطر” أو أي سجن يمكن أن يدخل فيه دون أن تتحرك أي جهة لفك أسره. أبناء السودان ما زالوا في السجون المصرية ويعاملوا أسوأ المعاملة، ولا السفارة تدخلت ولا الحكومة تدخلت ولا الرئيس “عبد الفتاح السيسي” أصدر قراراً بالعفو عن السودانيين المعتقلين في السجون المصرية، أو أعاد حقوق المعدِّنين الذين دخلوا بالخطأ في الأراضي المصرية، ولم ينهبوا أو يتخابروا لمصلحة دولة أخرى، جريمتهم كانوا يبحثون عن الذهب، كل تلك جريمتهم، هل من حق السلطات المصرية مصادرة سياراتهم التي كلفتهم المليارات؟. نحن شعب طيِّب، ولكن هذا زمن لا تنفع فيه الطيبة، المعاملة بالمثل هي التي يفترض أن تتبع مع أي دولة مهما كانت مكانتها. فليس من المنطق أن نطلق لهم سراح أبنائهم، بينما أبناؤنا في الحراسات عندهم.

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version