مؤخرا أعلنت وزارة الاستثمار والسياحة السودانية اكتشاف معبد أثرى مكتمل، يرجع تاريخه لأكثر من ألفى عام قبل الميلاد بمنطقة جبل أم على شمالى مدينة شندى، وبحسب موقع «سكاى نيوزعربية»، فقد قال وزير الاستثمار والصناعة والسياحة بنهر النيل المهندس محمود محمد محمود: إن المختصين أرجعوا تاريخ المعبد المكتشف لأكثر من «2000» عام، مؤكدين وجود مدينة ملكية كاملة مقبورة داخل الأرض بموقع المعبد المكتشف، وتوقع أن تسهم هذه الاكتشافات فى فك طلاسم الحضارة المروية، ونقلت صحيفة «آخر لحظة» عن الوزير قوله: «اكتشاف المعبد الأثرى تم بجهد وخبرات سودانية خالصة، عبر مركز أبحاث ودراسات الآثار بجامعة وادى النيل تحت إشراف أجهزتنا المختصة وبتمويل قطرى».
هذا هو نص الخبر، أما ما لم يقله الخبر هو أن «الحضارة المروية» هذه حضارة «فرعونية خالصة، ويبدو أن الإخوة الأعزاء فى السودان الشقيق لم يفضلوا إطلاق اسم «الحضارة الفرعونية فى السودان» لأسباب تخصهم، ولهذا أسموها باسم المنطقة الموجودة فيها، كأن تقول «الحضارة البنى سويفية» نسبة لبنى سويف، بدلا من أن تقول الحضارة الفرعونية، أو أن تقول الحضارة الأقصرية نسبة للأقصر بدلا من أن تقول الحضارة الفرعونية، وفى الحقيقة، فإنى أرى أن هذه مغالطة تاريخية كبيرة، فمن يقرأ الخبر سيتساءل: ما هى هذه الحضارة المروية؟ وحينما يبحث ويعلم أنها حضارة فرعونية خالصة، سيعرف بالتأكيد أن فى الأمر أمر، وأن إخفاء اسم الفراعنة عن الآثار المكتشفة لن يفلح فى التعتيم على هوية هذه الحضارة المصرية، التى امتدت لما بعد 350 كيلومترا من الخرطوم وأبعد من ذلك بكثير.
لعلك لاحظت فى متن الخبر الذى أوردته أن مصر غائبة تماما عن المشهد، وفى الحقيقة، فإنه لا يجب أن ننازع الإخوة السودانيين فى الملكية المادية لهذه الآثار المصرية، لكن من العبث أن نفرط فى حق مصر المعنوى فيها، خاصة أنه من المؤكد أن هذه الآثار تحمل الكثير من المعلومات الجديدة عن إسهاماتنا الحضارية فى المحيط الأقليمى وتأثرينا الكبير فى الشعوب المجاورة، فالإسهام فى اكتشاف هذه الآثار أمر واجب على الحكومة المصرية، بدلا من ترك قطر وأموالها لتعبث فى حضارتنا، ونشر ما تتوصل إليه نتائج الحفائر أمر لازم لنفهم تاريخنا وامتدادنا فى العالم، وفى النهاية أقول للإخوة السودانيين، لا تخشوا شيئا من القول إنها «حضارة فرعونية»، فمعروف تاريخيا أن أجدادنا حكموا السودان وأقاموا فيها، ومعروف أيضا أننا شعب واحد مهما اختلفت الحدود السياسية.
وائل السمري
اليوم السابع