دار جدل الأيام الماضية حول دخول كمية من الفسايل التي تخص شركة أمطار الإماراتية، واستمر الجدل حول إصابتها بمرض البيوض، وظلت عينات الفسايل بين المراكز للفحص حول الإصابة بالمرض أو لا، ولكن أخيراً حسم الجدل بعد تأكد إصابتها بالمرض، وصدرت أوامر من المركز بحرقها بأماكن وجودها بالولاية الشمالية، وأمس الأول أسدل الستار عليها وتم حرقها بمشاركة مدير وقاية النباتات العائد إلى مقر عمله من جديد بعد إقالة مدير الوقاية بسبب تلك الفسايل.
نحمد للمسؤولين بوقاية النباتات تلك الشجاعة والإصرار على أن الفسايل مصابة بمرض البيوض، وهو من الأمراض المهلكة لأشجار النخيل، ونحمد لهم إصرارهم بحرقها بعد أن تأكدت نتائج الفحص في ثلاثة مختبرات خارجية، فعلاً، بمرضها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة من المستفيد من دخول تلك الفسايل ومن ورائها، وهل هناك نية مبيَّتة للقضاء على النخيل بالولاية الشمالية، أم أن الجهات التي ترغب في عملية الاستثمار في هذا المجال لا تدري بهذا المرض، قد تكون النية سليمة، لأن المنطق يقول: لا أحد يريد أن يستثمر ويحاول إضاعة ثمانية مليون دولار، ثمن تلك الفسايل المريضة، والسؤال أيضاً قائم، هل كان من الممكن أن تجري عملية الفحص على عينات منها قبل إدخالها السودان، أم أن سوء الظن وارد أيضاً في هذه الحالة؟، وهناك جهات لا عليها، فالأمر عندها كيف تنال (الكمشن) أن كانت الفسايل مريضة أو سليمة، المهم أن يكون الاستلام أولاً، وربما هذا التعجل أضر بالطرفين أصحاب المصلحة الحقيقية ومن يقفون وراء دخولها.
وسؤال آخر ما زال يدور في الأذهان، هل وقاية النباتات لها الحق أولاً في إجراء عمليات الفحص، أم أن الأمر متروك للجهات الراغبة في الاستثمار بالبلاد؟ وأشك أن جهة مثل وقاية النباتات تحاول أن تلوِّث سمعتها أو تاريخها الطويل في هذا المجال، ولكن هناك حلقة مفقودة في هذا العمل، أن كان من داخل وزارة الزراعة أم أن هناك أطراف أخرى تعمل في صمت واختفت من المسرح تماماً، ولكن هذا لا يمنع المسؤولين بوزارة الزراعة، وعلى رأس ذلك الوزير نفسه عليهم أن يكشفوا أولئك المتلاعبين بأمر الوطن، ولولاء أصحاب الضمائر الحية في هذا البلد كانت تصبح كارثة بالولاية الشمالية، أن كانت تدري شركة أمطار أو لا تدري أو حتى الجهة التي قامت بهذا العمل من الألف إلى الياء. نحن في حاجة إلى ضمائر حية من أبناء هذا الوطن، لأن المال أصبح كل شيء، ومن الممكن أن يبيع أي شخص ضميره ومبادئه من أجل حفنة من الدولارات أو الدراهم، فالذين قاموا بكشف هذا العمل نشد على أيديهم لأنهم فصلوا ما بين العلاقة بين الدول وبين مقدسات الأمة والوطن، وكم من ملايين الدولارات أو الدراهم ستروح أن كانت هناك جهات فاسدة تريد أن تبيع بها الوطن.
لقد انجلى الأمر وأحرقت الفسايل، ولكن لا بد أن يكشف أمر الجهات التي قامت بهذا العمل، وإذا اتضح أن هناك فعلاً يوجد تلاعب وسوء نية يجب أن تطال المحاسبة الجميع وتقديمهم إلى المحاكم ليكونوا عبرة لغيرهم.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي