بنادق على صدور المدنيين.. تحولات في إستراتيجية المتمردين

ظلت المطالبات تتكرر من المواطنين بجنوب كردفان للحركة الشعبية بالإستجابة لنداء السلام والتخلي عن الأجندة الحربية، لكن بدلاً عن النزول إلى رغبة أهالي الولاية قامت الحركة مجدداً بارتكاب واحدة من أكبر المجازر في الريف الشرقي بجنوب كردفان وتحديداً بمنطقة الحجيرات. ويشير الاتجاه لقتل الرعاة والمزارعين والأطفال الأبرياء إلى أن المتمردين حولوا وجهتهم من قتال القوات الحكومية إلى استهداف المدنيين في أرواحهم وممتلكاتهم وفي ذلك إطالة لأمد المعاناة مع التمسك بأسباب واهية لرفض الإنحياز لخيار السلام.

وأوضح المهندس عبد المولى حماد إبراهيم رئيس حركة العدل والمساوة الوحدة الوطنية أن الإنتهاكات الصريحة التي تقوم بها الحركات المسلحة تعتبر تعتبر أفعالاً إجرامية لا ينبغي السكوت عنها كما يجب ألا تمر مرور الكرام، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي والإقليمي التحرك العاجل لوضع حد لانتهاكات المتمردين ضد المدنيين.

ويرى عبد المولى ان الحكومة التزمت بوقف إطلاق النار وضبط النفس والسير في طريق السلام والحوار، إلا أن الحركات المسلحة مازالت تسعى بشتى الطرق لزعزعة الأمن والاستقرار، مؤكداً أن الحركات المتمردة أصبحت تستهدف المواطنين وتعمل على ترويعهم من خلال أعمال النهب والسلب التي تقوم بها من فترة إلى أخرى، وقتل مواطنيين أبرياء ونهب ممتلكاتهم ومواشيهم لسد النقص الذي تعانيه في الإمدادات والغذاء، وهو يشير إلى أن فشل الحركات ميدانياً وعسكرياً.

ويرى عمر سراج الدين عمر الحاج القيادي بحركة كردفان للتنمية والسلام أن الانتهاكات التي تقوم بها الحركات المسلحة في جنوب كردفان ممنهجة، مبدياً أسفه بما تقوم به من انتهاكات في حق المواطنين ، فالمجازر البشرية التي ارتكبتها الحركات المتمردة تعدت كل الحدود.

ويوضح سراج الدين أن أنظار العالم تتجه خلال المرحلة الحالية صوب السودان الذي قاد أعظم تجربة سياسية للتفاكر والتشاور حول حل القضايا الوطنية، حتى أن دول المحيط الاقليمي لجأت للسودان لنقل تجربته إليه، بالإضافة إلى الاهتمام المتعاظم الذي أولاه المجتمع الدولي للدور الذي يقوم به السودان في مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم السلام في المنطقة.

وبالرجوع إلى تقرير مسح الأسلحة الصغيرة فقد أشار للانتهاكات التي ظلت تقوم بها بقايا التمرد في دارفور والمنطقتين في الربع الثالث من العام 2016م، والتي تشير إلى تحول كامل في إستراتيجيات هذه المجموعات بتجنب مواجهة القوات الحكومية والتركيز على النهب والسلب والاختطاف والتجنيد القسري للمواطنين، فيما كشفت منظمات عاملة في المجال الإنساني عن مجموعة من الممارسات السالبة للحركات المسلحة بولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وأكدت المنظمات أن الحركات المتمردة تعتمد بصورة أساسية على استخدام المواطنين العزل كدروع بشرية في حربها وتقوم باستخدام القرى بالجبل كملاجيء لها لنصب الكمائن من داخل هذه القرى، مما يعرض المواطنين إلى خطر النيران واندلاع الحرائق في تلك القرى، هذا بالإضافة للانتهاكات الأخرى التي تقوم بها من أعمال النهب والسرقة لممتلكات المواطنين وفرض الرسوم عليهم بقوة السلاح وأعمال التجنيد الاجباري واعتقال وقتل كل من يقف في طريقها.

وبعد أن خسرت الحركات المتمردة مواقعها بدارفور وجنوب كردفان وانقسمت على نفسها، اتجهت إلى تنفيذ عملياتها ضد المدنيين، وتوسعت في استهدافهم، فبعد أن كانت تعترض الشاحنات التجارية، أصبحت تلاحق حتى الرعاة في المناطق النائية لقوم بقتلهم ونهبهم.

هذا الأمر شكل رفضاً واسعاً من قبل المكونات السياسية والأمنية والاجتماعية الذين طالبوا الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الأفريقي بوضع حد لممارسات المتمردين، خاصة أن الحكومة مددت عدة مرات وقف إطلاق النار من أجل سلامة وأمن المواطنين. وقد وجد قرار وقف إطلاق النار ترحيباً من المجتمع المحلي والدولي إذ وصف بأنه قرار حكيم من شأنه أن يمهد إلى حل سياسي شامل عبر الحوار والتفاوض. لكن يبدو أن المتمردين لا يحترمون مثل هذه القرارات ويلجأون إلى التصعيد في ظل غياب الردع والضغط الكافي تجاههم لإيقاف ممارساتهم.

تقرير: إيمان مبارك
(smc)

Exit mobile version