كنت اود ان اكتب عن التمدد الذي حدث لحرف (الزاي) ..او كما نقول قديما (زاء زرافة) ..تمددت حتى بدأت أعيننا تتعود عليها في مواقع ليست لها ..لاحظت ذلك عندما كثرت مخاطبتي بلقب (أستازة) ..والاستاذية شرف لا أدعيه ..فأجدني أنبه الى ان الكلمة هي (أستاذة) ..فيبدي أسفه ويكتب (اعتزر) بدلا عن (أعتذر )..فأسكت عن الكلام المباح.
.انتبهت الى أن هناك خلط ما حدث ..فالزكاة صارت (الذكاة) ..بينما أضحى (الزمن ) هو (الذمن) ..لكن سبحان الله (الذكريات) صارت (الزكريات) .. ..ولله الامر من قبل ومن بعد.
أقول كنت انوي الكتابة عن انهيار التعليم ..فاذا بي أفجع مع الكثيرين بوفاة (استاذة رقية) اثر انهيار مرحاض المدرسة وهي بداخله ..وتأخر حضور الدفاع المدني ..ففاضت روحها الطاهرة وهي تنتظر المساعدة..رحمها الله وتقبلها مع الصديقين والشهداء .. لحظتها علمت ان الامر وصل الى مرحلة اللاعودة..كيف نتوقع ان يتعلم الصغار ..في بيئة لا تسمح بقضاء الحاجة ..بيئة أقل ما يقال عنها ..انها لا يوجد بها متطلبات العيش الكريم ..ولا تلبية احتياجات الجسم الفسيولوجية …الذي نشكو منه في مقدرات الجيل الحديث في الكتابة والمعلومات العامة ..هو نتاج طبيعي لفقر البيئة المدرسية ..بالله عليكم هل رأيتم صور تلك المراحيض ؟؟ ما الذي نتوقعه من انسان طلب منه اداء مهمته في هذا المكان؟ ..الا ان يؤديها على عجل وبأخر نفس.. لأنه ببساطة يريد العودة الى منزله (للراحة)..هل عرفنا الان ما سبب التردي في كل جوانب التعليم ؟
تلقينا التعليم على أيدى معلمين فاضلين .ومعلمات فاضلات تركوا بصمة في شخصياتنا ..لم يكن يؤرقهم تأخر مرتباتهم ولا عدم ترقيتهم.. ذلك أن كل شئ كان يتم بصورة صحيحة وفي زمنها المحدد .. كانوا يحبون مهنتهم ..تجدهم دائما في مكاتبهم ..يبذلون ما في وسعهم حتى ولو كان على حساب وقتهم الخاص ….كثيرا ما تساءلت …أين الخطأ ؟؟ ما الذي حدث في دنيا المعلم والتعليم ..ربما الان اتضحت الصورة ..لم يتغير المعلم ..تغيرت الظروف التي تحيط به .. البيئة التي يعمل فيها ..صارت غير انسانية ..لا تسمح حتى بالاحتياجات الطبيعية للانسان .. …هل كان يجب ان تموت استاذة لكي ينتبه المجتمع لما يحدث في دنيا المدارس ؟؟.
.والمضحك المبكي وتحت شعار كفاك ولا أزيدك … وزير التربية والتعليم الولائي يعلن تحمله للمسؤولية وتشكيل لجنة تحقيق ..نود ان ننوه ان هذا الحدث لو كان في أي موقع أخر ..لما بقي أحد في وزارته ..ولتقدم الجميع باستقالاتهم ..لكن نحن فوق عزنا وقبايل ما بتهزنا ..تحمل المسؤولية عندنا ..هي لجان تحقيق ..تنبثق منها لجان ..وحوافز واستحقاقات ..و(انساني ..وأنا أنساك).
الان عرفت لما اختلطت الأشياء ..لماذا صارت (الزاي ) تأتي مكان (الذال) ..والغين مكان القاف ..السين بدلا عن الثاء ..القصة ما قصة حروف ..ولا قصة املاء ..القصة اكبر بي كتير …انا لله وانا اليه راجعون.
د. ناهد قرناص