ثمن القهوة وأشياء أخرى!!

*فى الطابق السابع من هيلتون رمسيس، جلسنا وصديقي كارم كزام نحتسي فنجاني قهوة في انتظار مشاهدة إحدى روائع الفن السابع التي فازت بجائزة أوسكار في حينها، وعندما فرغنا طلبنا من النادل فاتورة الحساب فقال إنها سُددت، أصررنا وألحينا على معرفة الذي سددها، فحضر أحد الأشخاص يرتدي زياً خليجياً عرفنا باسمه وأنه ضابط بالجيش الكويتي، وعن سبب سداد ثمن قهوتنا قال إنه درس في الكلية الحربية السودانية وتخرج فيها وما زال يذكر قطرات العرق في الصباح المبكر وهو يؤدي تمارين الجري خلف قائدهم بالكلية اللواء قسم الله عبدالله رصاص، لذلك كلما رأى سودانياً ثارت في نفسه ذكريات مصنع الرجال وعرين الأبطال، غادرنا الرجل ونحن نشعر بالفخر وأننا مدينون بثمن القهوة لكليتنا الحربية.

*مساء السبت كنت في مطار الخرطوم، فلفتت نظري بعض الأسر الخليجية تخرج من صالة الوصول، وعصر الأحد أمس الأول كان تخريج عدد (46) ضابطاً كويتياً في مباني الكلية الحربية السودانية ضمن دفعة شهدت تخرج ضباط من الجارة تشاد، وكان حضور الأسر لحضور حفل تخرج فلذات أكبادهم ضباطاً يحملون نجوماً على كتوفهم، وحباً للسودان في قلوبهم .

*للكويت معزة خاصة في قلب كثير من السودانيين ولعل الارتباط بدأ بالاستعانة بسودانيين عقب استقلال الكويت للمساعدة في تأسيس صندوق النقد الكويتي وأيضاً بعثة تعليمية عسكرية ذهبت عقب الاستقلال .*وقد بادلت الكويت السودان وفاءً فبعثت إليها بالسفير عبدالله السريع عليه الرحمة حياً كان وميتاً فالرحمة تجوز لكليهما، عبد الله السريع اسم شارع فى مدينة جوبا بجنوب السودان وعاصمة الدولة الوليدة، وأيضاً اسم لعدد من المدارس بشمال السودان، ويبدو أن سفير الكويت الجديد في السودان سيكون خير خلف للسريع.
*ويروى أن أهل الكويت عندما استضافوا مؤتمر إعمار الشرق قبل بضع سنوات، أداروا فيلماً يصور القائد العسكري صديق الزيبق وجنده في مطار الكويت وهم بصدد العودة للسودان بعد انقضاء مهمتهم، فقامت الحكومة الكويتية بإهداء كل الكتيبة السودانية ظرفاً به مال وساعة رولكس فاخرة، واستمع مشاهدو الفيلم التوثيقى لصرخة القائد الزيبق (أرضاً ظرف.. أرضاً ساعة .. معتداً مارش إلى الأمام صعود للطائرة) وزادت فى عين الكويتيين مكانة السودانيين.

*الكليات العسكرية التي تقوم بتخريج الضباط كثيرة وأشهرها في بريطانيا وللمملكة الأردنية الهاشمية كلية شهيرة لكن أهل الكويت إئتمنوا السودان على فلذات أكبادهم، وذلك دون شك مبعث فخرنا أن نكون ملاذاً ومتدرباً ومصنعاً للقوة وعريناً للأبطال لأشقائنا العرب عامة، ولأهل الكويت خاصة.

*تظل قواتنا المسلحة بوتقة انصهار مكونات السودان المختلفة وغرس محبة الوطن في قلوب أبنائها ومنسوبيها من الدول الشقيقة، ودون شك هذا مبعث فخرنا ومصدر اعتزازنا بجيشنا الذي أدين له بثمن فنجاني قهوة هيلتون رمسيس ضمن الكثير الذي أدنا به.

راي:طاهر المعتصم
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version