هل تعثر فيسبوك في تكنولوجيا الواقع الافتراضي؟

جربت أول مرة جهاز الواقع الافتراضي الخاص بشركة أوكولوس ريفت Oculus Rift، في زاوية بقاعة للمؤتمرات في مدينة لاس فيغاس، ورغم شعوري قليلا بالدوار، إلا أنني اقتنعت بعد ثوان معدودات بأن هذا الجهاز صمم من أجل أحداث كبيرة.

بعد ذلك بعام أو أكثر، وجدت الشركة نفسها، في معرض للالكترونيات الترفيهية 3 في لاس فيغاس.

“خذ هذا”، قلت هذا بشكل مفاجئ لشاب أعطيته سلكا لنقل الصوت، ظنا مني أنه يقف هناك لمساعدة الزوار، لكنني اكتشفت بعد ذلك أنه المدير التنفيذي للشركة بالمر لوكي.

في المرة المقبلة التي قد ألتقي فيها لوكي ربما تكون لديه ملايين أكثر من الدولارات، وقد يصبح أوكولوس ملكا لفيسبوك، لكن رغم كل هذا النجاح الحقيقي الهام الذي تحقق، فإن محور حديثنا لا يتغير في كل مرة: كيف تعمل على إقناع الناس أنها تستحق هذا؟ ألا تعد هذه طريقة مكلفة جدا؟

ورد في آخر مرة سألته هذا السؤال : “إنها ليست كذلك”، لكنه كان مخطئا، إذ أن دفع حوالي 600 دولار والحاجة إلى جهاز حاسوب شخصي أمر مكلف للغاية.

المال ليس المشكل الأكبر، إذ لا شك أن أسعار الأدوات التكنولوجية في طريقها نحو الانخفاض، ومازلت مقتنعا بأن الواقع الافتراضي يمكن أن ينجح، لكن هل سيحقق نجاحا لفيسبوك؟

فاستراتيجية الشركة في سوق التكنولوجيا المليئة بالتنافس هي محل تساؤل.
أفضل انسحاب من صفقة بيع

علمنا هذا الأسبوع بخبر سحب المحطات التجريبية لتكنولوجيا الواقع الافتراضي من متاجر بيست باي Best Buy، وهي سلسة محال التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة، وذلك بسبب ضعف الإقبال عليها.

ووصفت شركة فيسبوك هذا التحرك بأنه تغير “موسمي”، ثم عمدت لاغلاق 200 من أصل 500 محطة تجريب كانت منتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وتمر الشركة الآن بمرحلة اضطراب، فهؤلاء الذين يدعمون تكنولوجيا الواقع الافتراضي مثلي يرون أن أفضل طريقة لبيع تلك التكنولوجيا هي السماح للناس بتجربتها.

ومن المتفق عليه أنه عندما تدخل إلى العالم الافتراضي، ستقع في شباكه وتفرغ جيبك للحصول على تلك التكنولوجيا.

لكن لا يبدو أن هذا السيناريو هو ما حدث. لأي سبب كان، هناك عدد قليل جدا من الناس حاولوا تجربة هذه التكنولوجيا، ناهيك عن شراء المنتج.

وهناك بعض النظريات التي فسرت الأمر، ولكن على النظرية الأقرب للصواب، في رأيي، هي تلك التي اقترحتها مولي وود من شبكة إن بي آر (الراديو الوطني العام) في أمريكا.

إذ قالت “أكدت مليون مرة وببساطة، أن السبب لا يكمن في التكنولوجيا، ولكن يكمن في عدم رغبة أي شخص في الدخول إلى متجر إلكترونيات ليجرب هذه التكنولوجيا من خلال جهاز يضعه على وجهه، بعدما استخدمه من قبله العديد من الناس الذين وضعوه على وجوههم أيضا”.

ولكن ذلك لا يفسر سبب أداء “أوكولوس” الضعيف ضد أقرب منافسيها. فعلى رأس الأجهزة الراقية في تكنولوجيا الواقع الافتراضي، تقف أوكولوس في منافسة فايف Vive من إنتاج اتش تي سي.
جيد بما يكفي

البيانات غير الرسمية (التي اعتمد عليها نظرا لعدم نشر الشركات أرقام مبيعاتها) تشير إلى أن مبيعات فايف تتفوق على أوكولوس، على الرغم من كونها أكثر تكلفة.

وقدرت شركة سوبر داتا لأبحاث الألعاب بيع 420 ألف سماعة من فايف خلال عام 2016، مقارنة بحوالي 250 ألف جهاز أوكولوس فقط..

أما بالنسبة للطرف الأدنى من السوق فالوضع أفضل بالنسبة لفيسبوك.

غوغل واتش تي سي وسامسونغ تنافس بقوة للسيطرة على سوق الواقع الافتراضي وتفوقت على فيسبوك

فسماعة سامسونغ غير Samsung Gear للواقع الافتراضي، تدير تجربة أوكولوس للواقع الافتراضي، وهذه السماعة حتى الآن ولفترة مقبلة الأكثر شعبية في السوق اليوم، بحسب سوبر داتا.

ولكن جميع مكونات النظام هي من إنتاج سامسونغ، وتعطى السماعات مجانا لمشتري العديد من الهواتف الذكية.

ولم تتحقق حتى الآن الأمال المتعلقة بتنشيط هذه السلعة الكاسدة من خلال سامسونغ غير للواقع الافتراضي، وتحقيق التوازن في الأسعار.

وتمثل أجهزة بلاي ستيشن للواقع الافتراضي من إنتاج شركة سوني، منطقة وسط من حيث التكلفة والتي تبلغ 399 دولارا، وتعمل مع أجهزة بلاى ستيشن 4، وهي اكثر قوة من أجهزة سامسونغ، لكنها أقل قوة من الأجهزة الأخرى الراقية.

وهنا يجب أن تشعر فيسبوك بالقلق، لأن هذه الأجهزة تبدو جيدة ومناسبة لغالبية مستخدمي أجهزة البلاي ستيشن.

كما ان الأجهزة الأخرى “جيدة بما فيه الكفاية” لتجعل استراتيجية الفيسبوك أكثر عرضة للتهديد. إذا، من الذي تستهدفه منتجات أوكولوس؟

اللاعبون السوبر الجادون ينجذبون أكثر لمنتجات فايف من اتش تي سي. بينما يشعر اللاعبون المتوسطون بالسعادة مع أجهزة بلاي ستيشن الافتراضية.

وعنما يتعلق الأمر بالميزانية والتكلفة، فإن أجهزة سامسونغ تحظى بشعبية كبيرة، لكنها تواجه خطرا من منافس جديد هو داي دريم Daydream ، الذي هو نظام افتراضي جديد من غوغل وهو أكثر انفتاحا على الأجهزة الأخرى.

ففي الوقت الذي تعتمد فيه أجهزة سامسونغ للواقع الافتراضي على أجهزة هاتف سامسونغ فقط، تم تصميم جهاز داى دريم ليعمل ويتوافق مع أي جهاز أندرويد، ويمكنه أن يعمل مع أنظمة هواتف أبل.
هنا يأتي دور هوغو

مارك زوكربيرغ استعان بالخبير هوغو بارا مهندس أندرويد في غوغل لانقاذ مستقبل الشركة في سوق الواقع الافتراضي

فما هي الخطوات القادمة إذا أرادت فيسبوك الوصول إلى القمة في هذه التكنولوجيا؟

كنت أود الاستفسار من مدير أوكولوس بالمر لوكي، لكن من الصعب الوصول إليه حاليا، نظرا لاختفائه عن الرأي العام بعد الجدل الدائر حول دعمه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ومازال يعمل في الشركة، ولكن الفيسبوك وأوكولوس رفضتا مرارا وتكرارا إخباري بطبيعة وظيفته.

وكان ظهوره العلني الوحيد منذ تلك الكارثة كان في المحكمة للدفاع عن شركته بعد اتهامها بالسطو على تكنولوجيا الواقع الافتراضي من إنتاج شركة زينيماكس Zenimax، وهي القضية التي خسرتها شركته وفيسبوك وقضت المحكمة بدفع تعويض بقيمة 500 مليون دولار.

في المباحثات الأخيرة عن العائدات، دعا مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ، الذي لا يزال متحمسا للغاية لتكنولوجيا الواقع الافتراضي وما تعنيه لمستقبل شبكته، مستثمريه للتحلي بالصبر، وقال “إنها لن تكون مربحة حقا لفترة من الوقت”.

ويبدو أن تكنولوجيا الواقع الافتراضي ضمن استراتيجية فيسبوك طويلة المدى لعشر سنوات.

لهذا استعان زوكربيرغ بهوغو بارا الذي عمل مؤخرا في الشركة الصينية شياومي، وكان قبل ذلك اسما كبيرا في غوغل، وقال إنه سوف يكون مسؤولا عن جهود الفيسبوك في الواقع الافتراضي من الآن فصاعدا.

ولم يبدأ بارا عمله في فيسبوك حتى الآن، وسينضم للشركة خلال شهر أو أكثر، ويبدو أنه متحمس ليعود إلى ولاية كاليفورنيا بعد سنوات قليلة.

عندما يبدأ يومه الأول، أشعر أنني سأسأله السؤالين اللذين سألتهما لبالمر، ألا تزال تلك التكنولوجيا مكلفة؟ والأهم من ذلك، كيف ستقنع الناس أنها تستحق ذلك؟

BBC

Exit mobile version