* بينما يُحذِّر الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد ركن (أحمد الشامي) من استخدام قضية الأمن القومي في تكميم الأفواه، حتى لا يفقد الناس الثقة في النظام الحاكم، فإن وزير الدولة للإعلام يدافع بشراسة عن تدخل الدولة في تقييد الحريات !!
* بل ويزعم أن (منظمة الأمم المتحدة) تعطي الحق للدول الأعضاء بالتدخل لتقييد الحريات ومصادرة الصحف في القضايا التي تتعلق بالأخلاق والسلامة والصحة العامة، ولكنه لم يتفضل بالكشف عن المواد القانونية في ميثاق الأمم المتحدة التي تعطي للدول هذا الحق، وهو بالطبع كاذب في هذا الزعم، ويحاول إعطاء صفة شرعية لممارسات نظامه الفاسد في تقييد الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة الصحف واعتقال الصحفيين وايقافهم .. الى آخر الانتهاكات المعروفة التي يمارسها النظام الحاكم الفاسد، ويكفي ما يتعرض له بعض المواطنين من زج في السجون والمعتقلات بدون أي اتهامات أو حتى التحقيق معهم، أو السماح لأسرهم بمقابلتهم مثل الدكتور (مضوي إبراهيم) الذي يقبع في المعتقل منذ شهر ديسمبر الماضي بدون أن تفصح السلطات عن سبب اعتقاله!!
* ثم يكشف وزير الدولة لوزارة إعلام النظام الشمولي الفاسد عن إحياء (هيئة البث)، واتجاهها لمراقبة الاذاعات الخاصة بواسطة أجهزة إلكترونية حديثة ستصل الى البلاد في الأسبوع القادم .. بالله عليكم تاملوا في أولويات الدولة التي يديرها هذا النظام، أجهزة حديثة وأنظمة إلكترونية بملايين الدولارات على حساب الشعب الفقير الجائع لمراقبة الإذاعات، بل ويعلن عن ذلك وزير الدولة للإعلام وليس وزير الدخلية أو مدير الأمن أو مدير الاستخبارات .. أي وزير إعلام هذا الذي يبشر الناس بمراقبة الأجهزة الإعلامية بأجهزة تجسس وتصنت إلكترونية .. بئس وزراء الإعلام إذا كانوا من شاكلة (ياسر يوسف) والزول القاعد جمبو (كما وصف رئيس المجلس الوطني ابراهيم أحمد عمر وزير الإعلام أحمد بلال خلال إحدى جلسات المجلس)!!
* وكي يبرر وزير الدولة للتجسس المدعو (ياسر يوسف) سقطته الشنيعة في التبشير باستجلاب أجهزة تجسس لمراقبة الاذاعات، فإنه يشير الى أن تقييد الحريات يتم بالقانون، استناداً على المادة (39 ) من الدستور الانتقالي لعام 2005 ، ويقول إن ” تلك المادة نصت على أن الحرية لا تقيد إلا بقانون” .. وهو بالطبع كاذب، فالمادة التي أشار إليها تنص على الآتي :” لكل مواطن حق لا يقيد في حرية التعبير وتلقى ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول الى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً للقانون” (المادة 39 )، ولم تنص المادة على ما اختلقه الوزير الكاذب بأن (الحرية لا تقيد إلا بقانون)، وشتان ما بين النصين!!
* ويواصل الوزير الكذب زاعماً “أن الدولة كان لها الحق في كل الوقائع والنماذج التي تدخلت فيها”، ولفت الى أنها حالات تم فيها الاضرار بالأمن المجتمعي والاقتصادي (حسب الزميلة سعاد الخضر في الخبر المنشور في صحيفتنا يوم الخميس 9 فبراير، 2017 )، ولم يتفضل كعادته بذكر نموذج واحد حتى نستيقن من صحة حديثه، ونقر بالضرر الذي وقع على المجتمع والاقتصاد!!
* ونسأل الوزير، إذا كانت تلك الحالات قد أضرت بالمجتمع وخالفت القانون، لماذا لجأت الدولة الى الإجراءات الاستثنائية لتقييد الحرية ومعاقبة الجهات التي ارتكبت المخالفات، ولم تلجأ الى القانون وتقدم المخالفين الى العدالة؟!
* ويستمر حفلة الكذب، فيزعم الوزير “بأنه ليس هنالك قانون يحكم الصحفيين غير قانون الصحافة والمطبوعات”، بينما يعرف كل الناس أن العمل الصحفي يخضع للكثير من القوانين منها القانون الجنائي العام وقانون الأمن وقانون الصحافة والكثير من القوانين الأخرى، بل أن السلطات لم تعد تلجأ الى أي قانون من هذه، وصارت تصدر الأوامر والتوجيهات الشفهية باغلاق ومصادرة الصحف وإيقاف الصحفيين بدون الإشارة الى أي قانون، أو الحديث عن السبب الذي أدى الى إصدار العقوبة، أو حتى الإعلان عن العقوبة، وإنما يتم تنفيذ العقوبة بصمت شديد، وكأننا في عالم أشباح!!
* وسؤال أخير .. ماذا ستقول يا وزير الدولة للتجسس للخبير الدولي المستقل المعني بحقوق الانسان في السودان (أريستيد نونوسي) الذي وصل البلاد أمس لتفقد أحوال حقوق الإنسان في السودان، عندما يلتقى بك ويسألك عن حرية الإعلام وحق التعبير عن الرأي في السودان، بالطبع ليس لديك غير الأكاذيب، أما نحن فلدينا الكثير لنطلعه عليه !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة