منذ فترة طويلة من الزمن لم نشاهد ملك المغرب “محمد السادس” مشاركاً في أية قمة عربية أو أفريقية وحتى لم نسمع صوته في لقاءات تلفزيونية أو مقابلات صحفية بالداخل أو الخارج، ولكن قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت بأديس أبابا الأيام الماضية ظهر الملك فيها بعد قطيعة مع الاتحاد ربما فاقت الثلاثين عاماً أي قبل رحيل والده الملك “محمد الخامس”.
وعرف عن المغرب وملوكها بالصمت الشديد وعدم المشاركة بقوة في المؤتمرات الخارجية وكرسوا كل جهودهم للعمل الداخلي، ولم نسمع لهم صوتاً معارضاً أو مبدياً رأياً في الشأن العربي أو الأفريقي، ولكن بعد القمة رأينا أن عملاً مشتركاً بدأ مع دولة جنوب السودان وقدمت المغرب عدداً من المشاريع الزراعية والصناعية وفي مجال التعدين تقريباً، مما جعل الكثيرين من أهلنا في دولة الشمال يتساءلون كيف هذا التحول لدولة تربطها علاقات متينة مع الشمال، وربما لا نرى أي مشروعات زراعية أو صناعية أو حتى في مجال التعدين. هناك اتفاقيات مع الشمال بينما أول ظهور للملك المغربي بدأ هذا النشاط مع دولة الجنوب، والكل يعلم تلك العلاقة وسفير المغرب بالسودان “محمد ماء العينين” أقرب الناس إلى الحكومة وإلى الإعلام وتربطه علاقة متينة مع كل الجهات في السودان حتى أطلق عليه عميد السلك الدبلوماسي، ولكن ورغم تلك العلاقة لم نرَ مشاريع مغربية بالسودان مثل التي تم التوقيع عليها مع دولة الجنوب.
والسفراء دائماً يخلقون علاقات وطيدة بينهم وبين الدولة التي يكونون فيها خاصة وأن السودان انفتح على معظم الدول العربية والأفريقية والأوربية وحتى الأمريكية، وهناك العديد من المشروعات في كافة المجالات. وإذا نظرنا إلى السفير القطري السابق “علي بن حسن الحمادي” والدور الذي قام به لدولة بلاده بالسودان، نجد أن الفرق بينه وبين سفير المغرب بالسودان كبيراً جداً، فقد استطاع “الحمادي” أن يقنع رؤوس الأموال القطرية الاستثمار في السودان وها هي الديار القطرية تطل برأسها من ضفة النيل الشمالي وعلى منطقة بحري، وتقف عماراتها شاهقة معلنة عن مشاريع كبيرة بدأت مع السودان في مجال الفندقة والفلل المتعددة، إضافة إلى مشروعات أخرى. فالحمادي الذي امتدت فترة عمله بالسودان لثماني سنوات ما قدمه للسودان خلال تلك الفترة لم تقدمه دولة بحالها وهو ليس سفيراً تنتهي فترة عمله بأربع سنوات ومن ثم يذهب إلى بلاده، ولكن “الحمادي” أحس بعظمة السودان وشعبه ولذلك جلب إليه مستثمرين في كل المجالات حتى “الحمادي” نفسه دخل في مجالات استثمارية متعددة، وقد أتت استثماراته أكلها وربما بدأ عملية التصدير لمنتجاته الزراعية والحيوانية التي راهن عليها. ولكن نتساءل لماذا بدأت المغرب استثماراتها بالجنوب والجنوب دولة لم يكتب لها الاستقرار بعد، وما زالت الحرب بين الأطراف المتصارعة قائمة وما زالت البنية التحية ضعيفة جداً، فلا ندري على أي شيء يراهن المغرب في الجنوب، وهل الاستثمارات التي دخل فيها كانت مدروسة أم خبط عشواء.
ليس بين السودان ودولة المغرب أية عداوة أو خلاف أو صراع ولكن فقط نتساءل، لماذا لا يقيم المغرب مشاريعه بالشمال الذي يعد أكثر أمناً واستقراراً من الجنوب، أم أن هناك أشياء تخفى علينا.
عموماً نجاح الاستثمارات المغربية في الجنوب أيضاً سوف يستفيد منه الشمال بس نريد أن نعرف هذا السر.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي