وكان دائماً النجاح حليفي….إلى أن أصبحت أماً…… واكتشفت أنها أصعب وظيفة يمكن أن يتحملها كائن حي ….
وظيفة بدوام كامل (24) ساعة .. لا انقطاع ولا امتناع…..لا إجازات ولا اعتذارات لا يمكنني أن أمرض….لا يمكن أن أؤجل أمومتي كما أجلت امتحاني….
لا يمكنني أن أكون الأولى في الأمومة وليست لها شهادات نجاح وتقدير وخبرة ولا تعتمد من أية جامعة …….
ولها شروطها الصعبة ….كيف أكون حازمة حاسمة حانية قريبة……وكيف لا بد من تبديل أولوياتك وخصوصياتك وانشغالاتك….وكيف لابد من تغيير حياتك وأيامك……..
كيف تتخلى عن ملابسك المفضلة وكيف تتخلى عن كعبك العالي …وعن أظافر لطالما اهتممت بشكلها وجمالها ….
كيف أنني لابد أن لا أخطئ وكيف دائماً كنت أخطئ…..لم أعد أستطيع التفوق ….لم أعد أستطيع التميز…ولم أعد أستطيع الاعتماد على علمي …بل فقط على حدسي كأم……..
ولم يكن سهلاً أبداً ….
لم يكن سهلاً استبدال كريم الصباح بقيء طفل صغير
ولا استبدال عطورك برائحة اللبن المخمر …..
أو رؤية شعرك يتساقط وعضلات إحدى ذراعيك ينمو أكثر من الآخر …
لم يكن سهلاً التخلي عن هواياتك، قراءاتك وتطلعاتك…لاستبدالها بعالم محدود الجوانب داخل مطبخك ليكون أقصى علمك كيف يكون الأكل مميزاً وشهياً ومتجدد التحول إلى عمل لم تسعَ إليه أحلامك ولكنه فرض فرضاً…
أن تكوني خبيرة في التنظيف ومكافحة الأتربة …أن تكوني معلمة ومدرسة ومدربة إن استلزم الأمر ….
أن تكوني ممرضة وسائقاً بل وسوبر مامي ليكون كل شيء في حياة أبنائك مثالياً ….
ولكنه دائماً لا شيء مثالي ….بل كنت عالقة في عالم أقصى ما وصلت له هو شبه مثالي …على أقصى أمنياتي …
ولا أدري أية فطرة وضعها الله داخل الأم أن تحب كل هذا وتظل بنفس الحماس لتصنعه كل يوم في حياتها …..
لا أدري أية فطرة دفعها الله داخل الأم فتحب هذا الكائن المزعج بل وتتمنى إرضاءه وسعادته ورؤية الابتسامة على وجهه ….
أو الشعور الذي تخلفه قبلة من هذا المخلوق الذي يتغذى عليها ومنها وبها …….
سبحانك ربي
ولن يعلم قيمة أمه إلا من جرب حرب الأمومة….
كيف أن يوماً مضنياً طويلاً من العمل أو الدراسة هو أسهل من إقناع طفل صغير بشرب كوب من اللبن…
وكيف رغم فشل المحاولات يظل إصراري هو هو كل يوم وبمرور السنين أنني يوماً ما سأقنعه بشرب اللبن……….
أن تدير شركة هو أسهل من إدارة مجموعة من الأطفال الصغار.
من مكاني هذا أقدم تحية لكل أم ……من أصابت ….ومن أخطأت….
يكفيك شرف الحب والإيثار والمباركة…….يكفيك شرف الأمومة…….
حقاً ….أصعب وظيفة…..أصعب امتحان ….أصعب مدرسة ……
وتقديري لكل أم ….
أشكرك أمي..
انحناءة وتحية واحتراماً .. وتعظيم لكل أم همها أطفالها وإن شابوا.
نضال حسن الحاج – نوافذ
صحيفة المجهر السياسي