فجأة ودونما مقدمات، دفعت أميرة الفاضل باستقالتها من منصب وزيرة الرعاية الاجتماعية، بعدما قررت أن ترعى شؤون والدتها كبيرة السن، وهي الاستقالة التي عدها كثيرون حدثًا فارقاً، لكن سرعان ما عادت أميرة إلى العمل العام عبر مقعد مدير مركز دراسات المجتمع “مدا”. الأمر الذي جعل المراقبين يعيدون الاستقالة القديمة إلى خلافات يشاع أنها حدثت بينها وبين نافذين.. الآن تعود أميرة بدرجة ملكة على شؤون الفقراء في أفريقيا، عقب فوزها بمنصب مفوض الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي.
السيرة الذاتية
ولدت أميرة الفاضل في منطقة (المعيلق) بولاية الجزيرة في العام 1967، وتخرجت في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم في تخصص الدراسات الاجتماعية. وحصلت أميرة على بكلاريوس العلوم كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية، وتخرجت بمرتبة الشرف الثانية. وألحقت لدراساتها ماجستيراً في الآداب من الأكاديمية العسكرية بجامعة (وستمنتر) العريقة في بريطانيا العام 2005م، ومن ثم أضافت إلى إنجازاتها العلمية دبلوما عالياً في الترجمة المتخصصة (القانون) 2005ــ2006م.
وكانت أميرة حصلت على دبلوم ترويج حقوق النساء العاملات والمساواة في الاستخدام من تورينو بإيطاليا نوفمبر 2000، ودبلوم الدراسات الإسلامية من معهد العلوم العربية والإسلامية في فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية 1995ــ1996.
وبهذه السيرة الكبيرة، تقلدت أميرة الفاضل عدداً من المناصب، كما عملت في الاتحاد العام للمرأة السودانية، وتدرجت في العمل التنفيذي والتشريعي والتنظيمي لتحوز منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم ثم انتقلت إلى الوزارة الاتحادية الأم، وذلك إلى أن غادرتها مستقيلة لظروف أسرية تتصل برعاية والدتها كما قالت وقتذاك، فيما ذهبت الأقوال إلى أن خلافات وصراعات محتدمة هي التي قادتها الى الاعتزال في مسقط رأسها.
يذكر أن أميرة وبعد فترة بسيطة من مغادرتها الوزارة، جرى تكليفها بملف العلاقات الخارجية بحزبها (المؤتمر الوطني) وهو المنصب الذي ما تزال تتولاه إلى يوم الناس هذا.
سيرة ومسيرة
خلال توليها وزارة الرعاية الاجتماعية خاضت “أميرة الفاضل”، معارك ضارية بالوزارة التي تعنى بشؤون الفقراء والمساكين وملفات الشؤون الإنسانية في البلاد، ومن أشهر هذه المعارك معركتها مع المدير السابق لمركز المايقوما للأطفال فاقدي السند، د. محيي الدين الجميعابي، حول اتهامات وحديث عن تجاوزات تتعلق بالأموال المخصصة لأطفال دار المايقوما. وانتهت تلكم المعركة لصالح الوزيرة، بإبعاد الجميعابي من الدار.
أما المعركة الثانية فنشبت بينها وبين صديقتها قمر هباني التي كانت تشغل منصب الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، الذي يقع ضمن مسؤوليات وصلاحيات الوزيرة. وما زاد من وتيرة الخلاف هو خروجه إلى العلن، فيومذاك تقدمت هباني باستقالتها من منصبها، وقالت إن ما دعاها إلى هذه الخطوة هو تعامل الوزيرة معها على حد تعبيرها، الأمر الذي دعا أميرة الفاضل للحديث إلى إحدى الصحف عن أن أسباب الخلاف الحقيقية بين الطرفين تعود إلى كثرة تسفار هباني وعدم التزامها بموجهات الوزارة، وهذا الخلاف استوقف كثيرا من المقربين للطرفين الذين يعرفون عمق العلاقة التي تربط بينهما.
أما معاركها الشهيرة خارج الوزارة، فعلى رأسها خلافها مع وزير المالية السابق، علي محمود عبد الرسول، داخل قبة البرلمان، حينما احتجت على عدم تضمين الشرائح الفقيرة داخل موازنة العام (2013) وانتهى الأمر ــ كذلك ــ لصالحها.
وفقاً لمقربين عملوا مع أميرة الفاضل إبان توليها وزارة الرعاية الاجتماعية أنها مفعمة بالإنسانية، ومقربة من جميع العاملين في الوزارة، وتتابع مشاكل الناس الاجتماعية عن كثب، ابتداءً من حوش وزارتها وكأنها زميلة بالنسبة لهم، وليست وزيرة، بكل أريحية دون أن تشعر من حولها بمنصبها، وأنه ليس هناك شخص جاء يحمل إليها مشكلة إلا تدخلت وحسمت قضيته.
أما الصفة العظمى لدى أميرة ويمكن انتزاعها من سيرتها، فكونها هي امرأة قوية وعملية ومحل ثقة حزبها الذي تشغل فيه أمانة العلاقات الخارجية ولم تخل مسيرتها في الوطني من معارك ذات طبيعة دولية وإقليمية.
وأسهمت أميرة من محلها بأمانة العلاقات الخارجية بالوطني مع نظيرتها بالحزب الشيوعي الصيني إلى حل مشكلة ديون السودان على الصين بصورة مرضية للأطراف كافة.
ويوم (الإثنين) توجت أميرة السودان بلقب مفوض الشؤون الاجتماعية في الاتحاد الإفريقي، وهو الإنجاز الأبرز الذي يحسب لها وللسودان. وكانت المفوضة حازت اللقب في الجلسة الإجرائية التى عقدت بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
شخصية قوية
تقول القيادية بالحركة الإسلامية، الأمين العام لمنظمة “معين” الإنسانية، بروفيسور سعاد الفاتح البدوي إن أميرة الفاضل صاحبة شخصية قوية لكن مع تواضع، مشيرة إلى امتياز أميرة بالعمل الجاد والدؤوب مع قلة الحديث، وحضور ذهني.
تنوه سعاد إلى أن أميرة حريصة جداً في كل مسيرتها على عدم إغضاب أخواتها، وصديقة للجميع، لافتة إلى تميزها السياسي، ومتوقعة نجاحها في المنصب الجديد بحسبانها خير من يمثل السودان.
بدوره يرى القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي، أن أميرة الفاضل من القيادات النسوية الفاعلة في المؤتمر الوطني، وتدرجت وصولاً إلى ما هي عليه الآن. وأشار ربيع إلى أن أميرة لها تجربة كبيرة وثرة في العمل السياسي ولها أدوار إنسانية مشهودة خلال توليها وزارة الرعاية الإنسانية، مضيفاً إن وصول أميرة إلى المنصب الإفريقي
الصيحة