حديث المدينة الثلاثاء 31 يناير 2017
جواز السفر السوداني- الذي يُبشّع به الآن الرئيس الأمريكي “ترمب” ويُحّرم دخوله- هل تعلم أن بعض المؤسسات السودانية المعتبرة تستوي مع “ترمب” في نظرتها إلى هذا الجواز المغلوب على أمره!.
خذ معك جواز سفرك السوداني، واذهب إلى بعض المؤسسات الحكومية المرموقة.. ستصدمك العبارة المفجعة التي ينطق بها الموظف بمنتهى العفوية (جواز السفر غير مقبول لدينا في المعاملات الرسمية).. حسناً إذا كان جواز السفر السوداني يعوزه النصاب الموجب للاحترام والقبول من المؤسسات السودانية فما بالك بالأجنبية!.
بل وإلى عهد قريب كانت بعض المؤسسات السودانية- أكرر السودانية- تكتب لافتة للمتعاملين معها أن جواز السفر السوداني لا يُقبل به في المعاملات الرسمية إلا إذا…!.
تصور وحاول أن تتخيل إلا إذا ماذا..؟.
إلا إذا كان يحمل إقامة سارية المفعول من دولة أجنبية!.
لا أمزح والله.. تشترط هذه الجهات السودانية اعتراف دولة أجنبية بجواز سفرنا؛ لتقبل به في تعاملاتها الداخلية- هنا- في السودان.. فختم وزارة الداخلية- وحده- لا يكفي لإبراء الذمة.. مطلوب شهادة دولة محترمة.
وربما هناك أسباب خفية لا نعلمها توجب هواجس بعض الجهات الحكومية من الجواز السوداني.. وحدها وزارة الداخلية معنية بالبحث عن هذه الهواجس، وجسّ نبضها.
لكن.. زميل لنا حضر مراسم زواج لأسرة أجنبية في الخرطوم روى لي- بدهشة بالغة- أن غالبية الأجانب الذين كانوا حضوراً في الحفل يحملون الجواز السوداني.
وبعض الصيد البشري الذي نجحت السلطات في توقيفه واقتناصه من تجار البشر عُثر على جوازات سودانية مع بعض الأجانب المتاجر بهم.
في تقديري أن المحك في اختبار مدى تسرب جوازنا، وتخطيه الحدود المسموح بها هو قراءة الأرقام التي رُصدت رسمياً لعدد الأجانب في السودان.. ومقارنتها مع العدد الفعلي للأجانب.. الفارق بين الرقمين يثير السؤال الملحاح عن السبب في العجز.. وهو ذات ما أشار إليه خبرنا في الصفحة الأولى اليوم، الذي أثاره رئيس لجنة الأمن بالبرلمان عن خشيته من دقة رصد وتسجيل الأجانب.
حسناً إذا كانت أمريكا تباشر مثل هذه الإجراءات التعسفية في منع دخول بعض الجنسيات ولو كانوا مدججين بكل الوثائق التي تؤكد سلامة تأشيراتهم.. فما بالك بحدودنا المفتوحة على مصراعيها ليدخل من يشاء بغير حساب ولا أوراق.. ثم بكل أريحية نصنع له نحن- هنا- الأوراق التي يتفضل بطلبها، والمعلومات التي يدلي بها دون استوثاق أو إثبات لصحتها.
الأمر في تقديري لا ينتظر التثاؤب الرسمي.. يجب طرح أسئلة مباشرة عن (جواز السفر السوداني)، والقيود التي تسمح بحمله، أو منحه إلى غير السودانيين.. هل صحيح جوازنا متاح لمن يستطيع إليه سبيلاً؟.
أتوقع إجابة لا نفحة غضب!.
عثمان ميرغني
صحيفة التيار